117

د مصر تاریخ له عثماني فتح نه تر اوسنیو وختونو پورې

تاريخ مصر من الفتح العثماني إلى قبيل الوقت الحاضر

ژانرونه

ومن أياديه على العلم أنه شجع العلماء الغربيين - وخاصة الفرنسيين - الذين أتوا إلى مصر ليدرسوا تاريخ الآثار المصرية، ونخص بالذكر من هؤلاء الأفاضل العالم «شمبليون» الذي خص كل حياته بحل رموز هذه اللغة حتى أتيح له ذلك في عام (1236ه/1821م) بعد أن جاهد في سبيل ذلك جهاد الأبطال. ثم العالم «لبسيسوس»، وقد وضع قاموسا لهذه اللغة. ثم العالم «أمبير». وقد حل هؤلاء العلماء مشكلات عويصة في هذه اللغة ومهدوا الطريق لمن جاءوا بعدهم، واشتهروا في هذا الفن إلى وقتنا هذا. (4-5) الجيش

نال محمد علي ولاية مصر بفطنته وذكائه، وباغتنام الفرص والتغلب على من نازعه، وقد حصل ذلك على كره من الباب العالي، وإن استطاع أن يرضيه ويحافظ على مركزه سنين قلائل بما ناله من الفخار بعد قهره الحملة الإنجليزية عام (1222ه/1807م)، وتغلبه على المماليك في جميع أنحاء القطر، وقهر الوهابيين. ولكن بتعاقب الأيام ظهر له جليا أن رضى الباب العالي غير ثابت، وأن لا مندوحة له من تنظيم جيش قوي يعتمد عليه في دفع كل عدو؛ لذلك وجه جل عنايته لإعداد جيش يحميه من تدخل الباب العالي في الشئون المصرية، ويقهر به كل من ناوأه. وقد عظم شأنه بهذا الجيش، حتى قيل إنه كان في نهاية عظمته يريد أن يرث الدولة العثمانية.

ولا يخفى أن قوته كانت في أول أمره مستمدة من أبناء جلدته من العساكر الألبانية، وهو لم يكن في نظرهم ممتازا عنهم إلا برتبيته العسكرية؛ لذلك كان وجودهم حوله خطرا يتهدده في كل لحظة، كما كانت الجنود العثمانية أيام المماليك خطرا على من يرسله الباب العالي من الولاة؛ فعمل على إبادتهم والاستعاضة عنهم بغيرهم ممن هم أقل تمردا وعصيانا.

ولما رأى أنه لا يستطيع إبادتهم مرة واحدة اضطر إلى مجاملتهم في مبدأ الأمر، ورأى أن أهم أسباب ثورانهم وسلبهم ونهبهم في البلاد راجع إلى تأخير رواتبهم، فكبح جماحهم وجعلهم طوع إرادته مدة بدفعه رواتبهم بحالة منتظمة وبذله العطايا لهم.

وفي شهر (شعبان سنة 1230ه/أغسطس سنة 1815م) أراد أن ينظم جيشه على الطريقة الأوروبية، وكان الجنود لا يألفون النظام ولا سيما الأوروبي؛ فعارضوا في ذلك أشد المعارضة، وكانت النتيجة أن شبت نار الثورة في القاهرة، وتآمر الجنود على الفتك به، ونهبوا الأسواق، واضطروه إلى الاعتصام منهم بالقلعة، وقتل في تلك الفتنة كل منظمي الجيش، إلا أنه بحذقه ودهائه تمكن من إخضاع الضباط بالعطايا، وأظهر لهم عدوله عن هذا المشروع، فمال الجند إلى الخضوع.

على أن كل هذا لم يثن عزم محمد علي عن تنظيم الجيش كما أراد، غير أنه اتبع الحيطة والسياسة في إبراز فكرته وتنفيذ غرضه، فأقصى الألبانيين عن القاهرة تدريجا؛ فأرسل بعضهم إلى بلاد العرب، وبعضهم إلى بلاد النوبة، ومن بقي فرقه في معسكرات الأقاليم.

بعد ذلك أسس مدرسة لتعليم النظام الحربي في بلدة أسوان لتكون قريبة من بلاد النوبة وبعيدة عن القاهرة، وعهد بأمرها إلى رجل من ضباط نابليون بونابرت اسمه المسيو «سيف».

ولد هذا الجندي العظيم في مدينة «ليون» من أعمال فرنسا عام 1788م، وابتدأ أول طور في حياته بالخدمة البحرية، وحارب الإنجليز في موقعة «الطرف الأغر»، ثم انضم إلى جيش نابليون البري، وحارب في عدة مواقع بقيادة نابليون. ولم يساعده الحظ في الالتحام بموقعة «ووترلو»، فترك فرنسا قاصدا مصر، حيث نال الحظوة التامة عند محمد علي بما قام به من الخدم التي سنذكرها في موضعها. وقد اعتنق الدين الإسلامي، وترقى في الجيش المصري حتى وصل إلى أعلى رتبة فيه، وكان يعرف بعد إسلامه باسم سليمان باشا الفرنسي - الفرنساوي.

القلعة (منظر عام).

قام ذلك الرجل العالي الهمة بتنظيم هذا الجيش بأسوان مدة ثلاثة أعوام، أعد في أثنائها ضباطا كثيرين ليقوموا بأمر الجيش الجديد، وكان معظمهم من شبان المماليك وصغار ضباط الألبانيين والأتراك، أما العساكر الذين تألف منهم الجيش الجديد فكانوا في أول الأمر من أسرى حروب السودان، غير أن كثرة الوفيات بينهم؛ لعدم ملاءمة الجو اضطرت محمد علي إلى العدول عن التجنيد منهم، وابتدأ يجند الجيش من فلاحي مصر. وقد كان هؤلاء يأبون الانتظام في سلك الجندية كل الإباء، وبذلوا في ذلك كل طاقتهم؛ فكان الآباء يشوهون خلق أبنائه: إما بقطع الأصابع ، أو بفقء العين، أو بنزع الثنايا، وكثير منهم هربوا إلى بلاد سورية. فلم يثن كل ذلك عزم محمد علي، ونجح أخيرا في تجنيد عدد عظيم منهم، صار فيما بعد على جانب عظيم من النظام وكمال العدة، حتى إنه في عام (1238ه/1823م) عندما ثار الألبانيون لما علموا بحرق إسماعيل باشا ابن محمد علي في قرية شندي دخل «سيف» القاهرة يقود 25000 من الجنود المدربين على النظام الجديد ليحموا الباشا من شر هذه الطائفة الطاغية، ويثبتوا قدمه ويوطدوا سلطانه؛ فأنعم على هذا البطل الفرنسي برتبة الكولونيل «بك» مكافأة له على ما قام به، ثم رفع راتبه إلى 1600 جنيه في السنة، ومن هذا الوقت أصبح لمحمد علي جيش يركن إليه، وكان معظمه من السودان والفلاحين.

ناپیژندل شوی مخ