248

تاریخ مصر جدید: له اسلامي فتح څخه تر اوسه پورې سره په زړه پورې معلومات په قدیم مصر باندې

تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم

ژانرونه

ففي سنة 1183ه أرسل علي بك صديقه محمد بك أبا الذهب لمحاربة الشيخ هامان وقبيلته، فحاربهم وتغلب عليهم في أواخر تلك السنة. فاضطر أبناء الشيخ أن يبتاعوا حياتهم بما لديهم من ثروة أبيهم. فربح أبو الذهب من ذلك مالا كثيرا ثم أسرع إلى القاهرة لما علمه من الدسائس التي كان ساعيا بها رفيقه أحمد بك الجزار على علي بك، وكأنه لم يكن يريد أن يشاركه أحد بالدسائس على سيده. وكان أحمد الجزار ينظر إلى أبي الذهب نظره إلى عدو يناظره في ارتكاب الدنايا فسعى في قتله فلم ينجح. وكان لأحمد الجزار سيف مشهور بطيب فولاذه وإتقان صنعه. فاتفق يوما أنه اجتمع بمحمد أبي الذهب، فقال له محمد: «أرني حسامك لأجربن فرنده.» فأجابه أحمد: «لا يستل حسامي سواي ولا أغمده حتى يستباح قتيل.» ثم نهض للحال وغادر القاهرة قاصدا القسطنطينية فوصلها. ثم عهدت إليه ولاية عكا بعد ذلك، وما زال فيها حتى توفاه الله. (17-4) فتوح علي بك ومعاهداته

شكل 1-22: كاترينا الثانية.

أما علي بك فبعد أن تغلب على الصعيد ثار في خاطره حب الافتتاح، فجرد إلى اليمن جيشا تحت قيادة محمد أبي الذهب، فسار في عشرين ألف مقاتل فقطع برزخ السويس ومضيق العقبة، ولم يبق على أحد من القبائل التي حاولت الوقوف في طريقه، ومازال حتى أتى اليمن وافتتحها. وأمر علي فسار إسماعيل بك في ثمانية آلاف لافتتاح السواحل الشرقية للبحر الأحمر وحسن بك لافتتاح جدة، ولقب بالجداوي إشارة إلى انتصاره على تلك المدينة، وما زال يعرف بهذا اللقب من ذلك الحين. ولم تمض ستة أشهر حتى افتتحت شبه جزيرة العرب وفي جملتها مكة المشرفة، ولحق بها نهب شديد، وأنزل شريفها وأقيم مقامه ابن عمه الأمير عبد الله، فوافق عليا في سلطنته وسماه بسلطان مصر وخاقان البحرين، فعل ذلك بصفته الدينية تملقا لعلي. فلما حصل علي بك على ذلك من شريف مكة أخذ يتمتع بحقوق السلطنة، فأمر أن يخطب باسمه في الصلوات العمومية أيام الجمعة. وضرب النقود سنة 1185ه في القاهرة باسمه كما سترى.

وسعى علي بك في هذه السنة إلى أمر سيق به إلى حتفه؛ وذلك أنه عهد إلى محمد بك أبي الذهب أن يسير في ثلاثين ألفا لإخضاع بلاد الشام؛ لأنه كان يعتبر هذه الولاية بعد خروجه من طاعة الدولة العلية عدوا قريبا يخشى منه على نفسه وعلى صديقه ومحالفه الشيخ ضاهر. وكان ينظر إلى سوريا كأنها جزء طبيعي من مملكة مصر. وكانت بالواقع قسما منها في سائر الأزمنة التي كانت فيها مصر مستقلة في الدولة الطولونية والفاطمية والأيوبية والمماليك وغيرها.

وسعى علي بك في التحالف مع الدول التي بينها وبين الأستانة عداوة طبيعية، فاستخدم تاجرا إيطاليا اسمه روستي عقد له معاهدة سلمية مع البندقيين على أن يكونوا حلفاء له. ثم عهد إلى رجل أرمني اسمه يعقوب أن يستطلع من الكونت ألكسيس أورلوف قومندان القوات الروسية في البحرين (المتوسط والأسود) عن عقد معاهدة دفاعية وهجومية مع قيصرة روسيا كاترينا الثانية. فأجاب الكونت بالإيجاب وفتحت المخابرات بشأن ذلك وطال أمرها كثيرا لبعد المسافة بين الطرفين. أما جنود علي بك في سوريا فصاحبها الظفر، واتحدت بجنود الشيخ ضاهر فاستولوا على غزة والرملة ونابلس والقدس ويافا وصيدا، وأخيرا حاصروا دمشق ولم تلبث يسيرا حتى سلمت. (17-5) خيانة محمد بك أبي الذهب

فلما رأى محمد أبو الذهب تمام هذه الفتوحات العظيمة على يده حدثته نفسه أن يجعلها لنفسه. ثم قادته مطامعه إلى محاربة علي واستخراج مصر من يده. ويظن أنه لم يقدم على ذلك من تلقاء نفسه، وإنما حمل عليه بأوامر جاءته من الأستانة؛ لأن المخابرات السرية كانت متواصلة بينه وبينها بواسطة الباشا الذي أخرجه علي من مصر. فأمسك محمد عن المسير في البلاد العثمانية، وحول شكيمة مقاصده نحو الديار المصرية، فجمع ما كان لديه من الجيوش وضم إليها الحاميات التي كان قد أقامها في المدن المفتتحة وسار قاصدا مصر. لكنه لم يجسر على المسير إلى القاهرة رأسا خوفا من الإنكشارية والوجاقات الأخرى؛ لعلمه بما في قلوبهم من الضغينة عليه. فعرج نحو الصحراء حتى أتى الصعيد فحط رحاله هناك، واستولى على أسيوط في آخر يوم من سنة 1185ه. ثم استقدم قبائل العربان وطلب محالفتهم ومحالفة بكوات الصعيد، وجاهر بعزمه على خلع علي بك وسار قاصدا القاهرة فوصلها في أوائل سنة 1186ه، فنزل بجيشه تجاه البساتين فوق مصر القديمة.

فلما علم علي بك بذلك ندم على ما وضعه من الثقة في رجل كان له أن يعتبر من سيرته الماضية أنه على غير الإخلاص والاستقامة. فجند 3 آلاف رجل بقيادة إسماعيل بك وأمرهم أن يمنعوا محمدا من عبور النيل. فسار إسماعيل لكنه خاف سطوة عدوه، ووردت عليه كتب مفعمة بالمواعيد يمازجها بعض التهديد، فأخذ جانبه وضم جيشه إلى جيشه، فقطع محمد بك النيل فاستقبله رجال إسماعيل بالترحاب. فاتصل ذلك بعلي فيئس من الفوز فانقطع إلى القلعة بأهله وأصدقائه ورجال دعوته، وقد عزم على المدافعة إلى آخر نسمة من حياته. (17-6) علي بك في عكا

وبعد ثلاثة أيام ورد إليه كتاب من الشيخ أحمد أحد أبناء صديقه الشيخ ضاهر أن يبرح القاهرة حالا ويأتي إلى أبيه في عكا. فخرج علي من القلعة بمن معه وسار من جهة الجبل الأحمر طالبا سوريا عن طريق الصحراء. وكان خروجه قبل دخول محمد بك القاهرة بيوم واحد؛ أي مساء 9 محرم سنة 1186ه، وهذه هي المرة الثالثة لخروجه منها إلى سوريا، وفي معيته عدد يسير من الجند لا يبلغ ستة آلاف معظمهم من الخدمة الذين لا يستطيعون الدفاع. ولم يحمل معه من المال إلا ثمانمائة ألف زر محبوب يحملها 25 جملا. ونقل معه من المصوغات والحلي ما يساوي أربعة أضعاف ذلك. وما زالوا في المسير ليلا ونهارا فوصلوا إلى خان يونس في حدود سوريا بعد ثلاثة أيام، فرأوا أن خمسة من الجمال الحاملة للنقود قد ذهبت فريسة بيد القبائل البدوية، وأن عددا من جنوده فروا ومعهم يوسف الخزندار. وفي اليوم التالي دخل علي بك غزة ثم واصل السير حتى أتى عكا بعد ثمانية أيام فرحب به أميرها، وكانت بينهما مودة شديدة فاطمأن علي هناك. غير أن ما تكبده من المشاق في الأسفار مع ما أثر في نفسه من الغيظ الشديد غير صحته، فلم يصل عكا إلا وهو في حالة الخطر من شدة المرض.

وفي أثناء ذلك وصل مينا عكا أسطول روسي، فلما علمت حاميته بما حل بعلي عقدوا معه معاهدة ثانية، وقدموا له كل ما يحتاج إليه من المؤن والذخائر، وكان في خدمة ذلك الأسطول فرقة من الألبانيين «الأرناءوط» مؤلفة من ثلاثة آلاف رجل فأمدوه بهم. فلما رأى علي بك ما كان من نجدة الروسيين مع ما يمكنه الحصول عليه من جنود الشيخ ضاهر عزم على مناوأة أبي الذهب، لكنه لم يكن يستطيع مباشرة ذلك بنفسه لانحراف صحته. فعهد إلى علي بك الطنطاوي بعد ثلاثة أشهر أن يسير أولا لاسترجاع المدن السورية التي دخلت في حوزة محمد أبي الذهب، فسار واستولى على صور وصيدا وقرى أخرى من سواحل سوريا كانت قد احتلتها جنود عثمانية بعد انسحاب جنود محمد أبي الذهب. ثم سار علي بنفسه مع من بقي من الجند إلى يافا وافتتحها بعد محاصرة خمسة أشهر استولى في أثنائها على غزة عنوة وعلى الرملة واللد تسليما. فأعاد يافا إلى حكومة الشيخ ضاهر، وجعل على اللد حسن بك الجداوي وعلى الرملة سليم بك. (17-7) محمد أبو الذهب بمصر

وفي 9 ذي القعدة 1186ه كان علي بك في يافا، فجاءته رسل من القاهرة بمهمة سرية من وجاق الإنكشارية والوجاقات الأخرى وسائر أعيان القاهرة، يعلمونه أن محمدا أبا الذهب دخل القاهرة حالما خرج منها هو وسمي نفسه شيخ البلد، وجعل يعيث في البلاد عيثا لم يسبقه إلى مثله أحد ممن تولى مصر قبله. فجعل بعض الضرائب ضعفين وبعضها ثلاثة أضعاف. ثم اختلق قانونا غريبا دعاه قانون رفع المظالم والمقصود منه بحسب الظاهر إنقاذ ملتزمي الأموال الأميرية من الإجراءات الاستبدادية التي كان يسومهم إياها الكشاف إلى ذلك العهد، واستبدالها بما يعود بالمنفعة. والحقيقة أن الضرائب ما انفكت أشد وطأة من ذي قبل، والإجراءات لم تزدد إلا استبدادا، فضلا عما رافق كل ذلك من الفتك بالعباد قتلا ونهبا.

ناپیژندل شوی مخ