247

تاریخ مصر جدید: له اسلامي فتح څخه تر اوسه پورې سره په زړه پورې معلومات په قدیم مصر باندې

تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم

ژانرونه

وكان يعز محمدا هذا أكثر من الجميع، وستراه رجلا عقوقا منكرا للجميل. ولما تقلد البكوية لقب بأبي الذهب، فأحب أن يجعل هذا اللقب اسما على مسمى، فتظاهر بالكرم المفرط، وبدلا من أن يفرق العطايا بالبارات فرقها بالأرباع.

أما علي بك فكان ساهرا على مصلحة البلاد سهرا تاما، وكان مخلصا في أعماله، فطهر البلاد من اللصوص وسعى جهده في إصلاح شئونها، فساد الأمن فيها بعد أن كانت معرضا للقلاقل والمفاسد. ولم تقف مطامع علي بك عند هذا الحد؛ فإنه رأى من تحامل الواشين بينه وبين ديوان الأستانة، وإيقاع ذوي الأغراض به وبسلطته؛ ما حمله على السعي في الاستقلال بمصر، وتجريدها من رعاية الدولة العثمانية، لكنه كتم مقاصده وجعل يسعى في تنفيذها تحت طي الخفاء. (17-1) مساعيه في سبيل الاستقلال

وأول خطوة خطاها نحو هذه الغاية أنه انتحل أسبابا بنى عليها عزل مستخدمي الملكية والجهادية ورؤساء الوجاقات، واستبدلهم برجال على دعوته، إلا وجاق الإنكشارية فإنه لم يمسه بعد أن تمكن من استبقائه تحت حمايته، وسد جميع السبل التي يمكنه بها التطرق إلى مقاومته، وأخر دفع مرتبات الوجاقات الأخرى عمدا وصار يدفع رواتبهم أقساطا عملة ورق بول كانت تخسر المائة منها تسعين، فكان يربح أرباحا عظيمة باسترجاع الورق بالأثمان البخسة وصرفه ثانية بثمنه الأصلي. فلما رأت رجال الوجاقات أنهم لا يستولون من ماهياتهم إلا على العشر كرهوا الاستخدام بالعسكرية، وجعلوا يستقيلون منها شيئا فشيئا، ويتعاطون أشغالا أخرى أكثر فائدة لهم.

ثم سعى في تقليل العساكر العثمانية واستخدام المماليك من دعاته. حتى صاروا نحوا من ستة آلاف، وحظر على سائر البكوات والكشاف الذين يخشى تغيرهم عليه أن يقتني أحدهم أكثر من مملوك أو مملوكين. وكان على ولاية مصر إذ ذاك محمد باشا فأزعجته إجراءات علي بك وخشي عاقبتها، فنصح له أن يقف عند حده فلم يكترث بقوله. فأقر على مقاومته؛ لأن هذه الإجراءات مضادة لمصلحة الباب العالي، ولكنه لم يكن يستطيع المجاهرة بمقاصده هذه فأخذ يدسها سرا، واتحد مع من بقي من دعاة إبراهيم الشركسي، وأجمعوا على الانتقام من علي بك، ثم جعلوا يسعون فسادا بين أحزابه، واستجلبوا بعضا منهم إلى جانبهم بالمواعيد المبنية على الحسد والطمع. وفي جملة هؤلاء محمد بك أبو الذهب الذي طمره علي بك بفضله حتى أزوجه ابنته، وكان يناديه كما ينادي أولاده. ولم يكونوا يستطيعون تنفيذ مآربهم جهارا، فأغروا صهره محمد بك المذكور بالمال، ووعدوه أنه إذا قتل علي بك يتولى المشيخة مكانه، فقبل لكنه علم بعدئذ أنه يقصر عن مناوأة علي بك، واستعظم الجناية فعدل عنها إلى جناية تقرب منها. وذلك أنه شكى إلى علي بك معاملة الباشا له، فأسرع علي بك إلى إنقاذه منه، وما انفك عن الباشا حتى أخرجه من مصر فعاد إلى الأستانة. ولم يزدد علي بك إلا ثقة في محمد بك أبي الذهب، وإخلاصا له رغم ما كان ينقل إليه عنه من السعي ضده.

وفي سنة 1182ه انتشبت الحرب بين روسيا والدولة العلية، فبعثت هذه إلى مصر أن تمدها باثني عشر ألفا، فوصلت الأوامر لعلي بك بذلك ومشروعه لم ينضج بعد فلم يسعه إلا مباشرة ما أمر به، فابتدأ بجمع الجنود. أما أعداؤه فاغتنموا تلك الفرصة للوشاية فضموا إليهم الباشا الجديد الذي كان قد أرسل من القسطنطينية بدلا من الباشا الذي أخرجه علي بك، واتفقوا جميعا على كتابة تقرير أمضاه الباشا وسائر البكوات أعداء علي يشون به إلى الديوان الشاهاني؛ بدعوى أنه إنما أراد بما يجمعه من الجيوش معاضدة روسيا للاستقلال بمصر، فأنفذ الديوان الشاهاني إلى الباشا أمرا مشددا أن يقتل علي بك ويرسل رأسه إلى الأستانة.

فاتصل ذلك بعلي بواسطة أصدقائه بالأستانة، فبعث علي بك الطنطاوي أحد دعاته في عشرة من أتباعه المماليك متنكرين بلباس البدو يكمنون على مسافة قصيرة من القاهرة، حيث لا بد للقابجي باشي حامل ذلك الفرمان من المرور به، فمكثوا هناك ثلاثة أيام، وفي اليوم الرابع بان لهم القابجي، ومعه أربعة رجال فوثبوا بهم وقتلوهم وطمروهم في الرمل، وأخذوا ملابسهم والفرمان وساروا إلى علي فقرأه ثم جمع إليه ديوان البكوات العمومي، وأطلعهم عليه وأقنعهم أن ذلك الأمر ليس لقتله وحده، بل لقتلهم جميعا، ثم خاطبهم قائلا: «دافعوا إذن عن حياتكم وحقوقكم، واعلموا أن مصر ما برحت منذ القدم يحكمها دول من المماليك كانوا سلاطين أشداء، تفاخر بهم الأرض السماء. فأعيدوها إليهم، وهذه فرصة لا تضيعوها فإنكم لن تعثروا عمركم على فرصة مثلها، هلم إذن نسعى في الاستقلال فإن فيه حياتنا وحريتنا.» (17-2) استقلال علي بك بمصر

فتأثر البكوات من فصاحة علي وبلاغته، وكانوا ثمانية عشر قد أجمعوا على دعوته، فعاهدوه على الدفاع عنه ما استطاعوا إلى الدفاع سبيلا. أما سائر الأمراء المماليك من أعدائه فخافوا العاقبة ولزموا السكوت. فكتب ديوان علي بك أمرا إلى الباشا أن يبرح الديار المصرية في ثمان وأربعين ساعة، وإذا لم يفعل يقتل، وأن مصر قد أصبحت مستقلة. وبعث علي إلى الشيخ ضاهر العمر أمير عكا يعلنه رسميا باستقلال مصر، ويدعوه للمساعدة في ذلك، فأجابه الشيخ ضاهر مسرورا، وجمع إليه رجاله ورجال بنيه السبعة وصهره، وانضم الجميع إلى جنود علي، وكان قد أضاف إلى الستة الآلاف التي عنده من المماليك الاثني عشر ألفا التي جمعت مددا للعثمانيين، وأضاف إلى هذه أيضا رجال أصدقائه البكوات حتى رجال أعدائه؛ لأنهم لم يعد يسعهم إلا طاعته.

فاتصل ذلك بالأستانة فأرسل الباب العالي أمرا إلى والي دمشق أن يسير في 25 ألفا لمنع جنود عكا من معاضدة علي، فسار الوالي في ذلك العدد من الرجال فلاقاه الشيخ ضاهر في 6 آلاف بين لبنان وبحيرة طبرية، ورده على أعقابه سنة 1183ه. وكانت هذه الواقعة آخر الوقائع؛ لأن الباب العالي أمسك بعدها عن إرسال الجند كأنه نسي علاقته مع سوريا ومصر بالكلية.

أما علي فاغتنم اشتغال الدولة العلية بالمحاربة مع روسيا، وصرف عنايته في تنظيم مملكته الجديدة، وإصلاح ما داخلها من الخلل، فخفض الضرائب، وجعل على المالية مدير الكمرك القديم المعلم ميخائيل فرحات القبطي بدلا من يوسف بن لاوي الإسرائيلي، وكان قد قتل جزاء خيانته. ونظم التجارة الخارجية والمواصلات، وأبعد العربان إلى الصحراء فاستولى الأمن، وانتشر الإصلاح في القطر، فزادوا على ألقاب علي لقب بلوط قبان (مبيد اللصوص). (17-3) قبيلة الهوارة

وكان في جملة القبائل الثائرة على مصر قبيلة الهوارة، وهي أشدهن بأسا وأطول باعا جاءت في الأصل من ضواحي تونس الغرب، واستقرت بين جرجا وفرشوط في بقعة من الأرض لم تكن تصلح للزراعة، فاعتنوا فيها حتى أنشئوا عدة قرى وما زالوا ينشرون سطوتهم حتى احتلوا جميع البقاع بين هوارة وكفر الشيخ سليم. ثم اغتنم الشيخ هامان (شيخ الهوارة) اشتغال مصر بما تقدم، ووضع يده على البلاد من أسيوط إلى أسوان وجمع إليه محصولاتها. وكان قد حارب هذه القبيلة كثيرون ممن تولوا مصر قبل علي، وفرضوا عليها ضريبة مقدارها 250 ألف إردب من الحنطة توردها سنويا إلى مصر.

ناپیژندل شوی مخ