238

تاریخ مصر جدید: له اسلامي فتح څخه تر اوسه پورې سره په زړه پورې معلومات په قدیم مصر باندې

تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم

ژانرونه

وكان أبي النفس على نوع ما، إلا أن كاتبه أحمد أفندي كان عاتيا غشوما، وكانت أزمة الأحكام بيده فاستبد بها فكره المصريون الحياة من أجله، واتفق في أيامه تقصير النيل فازدادت الأثقال بغلاء الحبوب. ولم يكن الباشا يتعرض للأحكام مطلقا فكثرت السرقات حتى لم ينج حي من أحياء القاهرة من النهب، واضطر الناس إلى مهاجرة بيوتهم. وكان رئيس الضابطة إذا جيء إليه ببعض اللصوص لا تغيب عليهم الشمس في السجن. ومثل ذلك كان يفعل الكشاف «حكام الأقاليم» فتواترت التشكيات إلى الباشا فاضطر إلى عزل رئيس الضابطة وتولية كنعان بك مكانه، فاهتم هذا بالقبض على اللصوص فسجن عددا كبيرا منهم.

وفي شوال سنة 1051ه ثارت الجهادية وتمرد الجاويشيون على رئيسهم الأمير علي؛ لأنه لا يفرق الأعطيات إلا على كتبته، فلم ير الباشا بدا من عزله وتولية عابدين بك في مكانه. فلما رأى سائر الجيش ما كان من فوز الفئة الثائرة ثاروا جميعا وادعوا أن مخازن الحبوب فارغة، وطلبوا معاشاتهم المتأخرة منذ سنة. فعين محمد أفندي قاضي العسكر لتحري دعواهم فتفقد مخازن الحبوب فرآها حقيقة فارغة، وعلم أن ما كان فيها باعه الكاتب وأخفى ثمنه. فاضطر الباشا مراعاة لطلب الجمهور أن يتخلى عن كاتبه مع شدة حبه له، فاستنجد الجاويشية فأنجدوه وأعادوه إلى مركزه، فازداد تمردا وبالغ في الانتقام. ثم استقال مصطفى باشا وتولى الوزير مقصود باشا وكان واليا على ديار بكر قديما، فلما استلم مقاليد الأحكام بمصر بحث عن تصرفات سلفه فاطلع على أعماله، فقبض على كاتبه والكخيا وجلدهما، وأجبرهما على إرجاع مائتي كيس من النقود إلى الخزينة. أما مصطفى باشا فأرسل إلى الأستانة، وهناك أخذ منه مائتا كيس سلمت للخزينة الشاهانية، وأصبح في جملة الوزراء السبعة العظام. (10-1) الوباء

وفي أيام مقصود باشا قاست مصر أمر العذاب من وباء وفد عليها كان أصعب مراسا من الوباء الذي وفد في أيام علي باشا وجعفر باشا؛ لأنه كان عاما لم ينج من إصابته الشيوخ ولا الشبان، وقد أصاب من الشيوخ واحدا في الثمانية. ظهر هذا الوباء أولا في بولاق بأوائل شعبان سنة 1052ه، وبعد ذلك بشهرين ظهر في القاهرة. وما زال على معظمه من أول ذي القعدة من تلك السنة إلى غاية صفر من سنة 1053ه، ثم أخذ بالتناقص شيئا فشيئا ولم ينقض حتى انقضى الشهر الثاني. ولم يكن يسمع إلا بالوفيات المتتابعة في كل ساعة. وكانت الجثث تنقل بالعشرات دفعة واحدة فيمر في الشارع الواحد أحيانا ثلاثون أو أربعون جنازة. وقد روى ابن أبي السرور وهو من المؤرخين المعاصرين أن جملة من صلي عليهم من المتوفين في الجوامع الخمسة الرئيسية في القاهرة في أثناء ثلاثة أشهر ألفان وتسعمائة وستون. وصاروا في آخر الأمر يدفنون موتاهم بلا صلاة، وعدد هؤلاء لا يقل عن عدد الذين صلي عليهم، أما خارج القاهرة فلم يكن الوباء أقل فتكا، ويقال إن 230 قرية أصبحت خرابا لإصابة سكانها جميعا بذلك الداء. (10-2) مقصود باشا

فلما رأى مقصود باشا ما ألم بمصر من الدمار سعى في إصلاح الأحوال جهده، فاستعمل الرفق وألغى الضرائب التي وضعها أسلافه بغير الحق. وجعل الوراثة إلى الأقرباء الشرعيين مع دفع شيء من التركات إلى الحكومة، وتحرى التعديات تحريا شديدا، وشدد في القبض على اللصوص فقبض على كثيرين منهم، فقتل بعضا وسجن بعضا وقاص آخرين حسب ذنوبهم مع الصرامة، فاستكنت الناس وطابت قلوبهم. وبينما كان هذا الباشا ساعيا في ما تقدم ظهرت في الإسكندرية في 20 ذي القعدة من تلك السنة ثورة كدرت أعماله. وذلك أن نحوا من ستمائة من المسيحيين كانوا تحت طائلة القصاص مغلولين في سجون الإسكندرية، ففي اليوم المذكور فتقوا السجون والمسلمون في الجوامع يصلون وطفقوا ينهبون الحوانيت والمخازن والبيوت ولم يبقوا ولم يذروا، ولما ملئوا جعبة مطامعهم نزلوا إلى مركب كان بانتظارهم في البحر وأقلعوا يطلبون الفرار.

ولم يكن ذلك كل ما هدد مقصود باشا وحال دون مشاريعه، بل هناك ما هو أدهى وأمر. وذلك أن جماعة السناجق تآمروا على عزله في يوم الجمعة 12 رمضان سنة 1054ه باجتماع عقدوه في بيت الأمير رضوان بك الملقب بأبي الشوارب. وسبب ذلك أن مقصود باشا كان قد طلب إليهم حبا بإيفاء رواتب الجيش عن شهر رمضان أن يدفعوا الثلث الأول من المال الذي يطلب منهم للخزينة عن الإقطاعات العسكرية التي في أيديهم. فرفضوا بالإجماع وطلبوا عزل بعض الموظفين الذين يعدونهم من أنصار الباشا. فسلم لهم الباشا بما أرادوا فلم يقنعوا بذلك فكتبوا إلى الأستانة يشكون من سوء تصرفه ووافقهم كثيرون من الأعيان، فكتب إليه الباب العالي رأسا ما مفاده: «إن الحضرة الشاهانية لم تعلم أسباب الثورة الجهادية التي انتشبت في مصر، وتتعجب كيف أن الباشا لم يبلغ الباب العالي خبرها.» فأجاب الباشا أنه لم يحصل لديه ما يدعى ثورة، وإنما هناك بعض الاختلافات التي يرجو إصلاحها بالتي هي أحسن؛ ولذلك لم يكن ثم حاجة لإبلاغها. فطلب إليه الباب العالي أن يتحرى ويعاقب المعتدين ويصرف الأمر بما يتراءى له. ومع كل ذلك اضطر إلى الإذعان، لكنه أراد الفتك بالأمير علي بك والأمير ماماي بك والدفتردار شعبان بك؛ لعلمه أنهم زعماء تلك الثورة فأعد لهم كمينا ليقتلوهم في الديوان، وعين لذلك يوم الإثنين في 23 ذي الحجة سنة 1054ه، لكن الدفتردار نزل إلى الديوان وحده في ذلك اليوم فشاور الباشا عقله بين أن يفتك به وحده أو يخفي ما في ضميره ريثما يفتك بالثلاثة معا، فأقر أخيرا على إرجاء ذلك العمل إلى يوم آخر. (10-3) أيوب باشا وغيره

وفي اليوم التالي جاء الفرمان بعزله وتولية الدفتردار شعبان بك قائمقاما يتعاطى الأحكام وقتيا، فشق ذلك على الباشا لكنه أذعن وسلم مقاليد الأحكام لشعبان بك، فكتب السناجق إلى الباب العالي يطلعونه على حقيقة ما حصل في أيام الباشا السابق، ويطلبون إليه الإسراع في إرسال من يخلفه؛ فأنفذ إليهم أيوب باشا. وكان قبل ذلك الحين من رجال القصر الشاهاني. فلما عهدت إليه هذه الولاية تردد في قبولها لما رأى من الأخطار المحدقة بها، لكنه لم ير بدا من قبولها. وقد كان رجلا حازما مستقيما استعان برجاله على إدارة الأعمال فلم تمض سنتان على حكمه حتى استتب النظام وسادت الراحة. ثم استقال من ذلك المنصب بعد أن صار وزيرا، وعكف على العبادة واعتزل السياسة وزهد زهد الدراويش، فتنازل عن أملاكه في الأستانة للدائرة الخاصة الهمايونية، وانفرد في أحد المعابد في الروملي، فولي مكانه الوزير محمد باشا حيدر سنتين ونصف ولم يحسن الإدارة فارتبكت الأحوال.

وفي 10 رجب سنة 1057ه ثارت فرقة من الإنكشارية في مصر القديمة، فهددهم والي الشرطة فازدادوا تمردا، فساروا إلى الباشا وطلبوا قتل ذلك الوالي، ولم يكن ذنبه إلا أنه قام بما عليه، فوافقهم الباشا على ما أرادوا. أما الوالي فكان من وجاق الجاويشية. فلما علم هؤلاء بعزم الباشا قاموا يشكون من سوء تصرفه بصوت واحد، فخاف أن تبلغ هذه التشكيات مسامع الباب العالي فتعود العاقبة وبالا عليه، فاجتمع بقنسو بك واستشاره بما يفعل، وكان هذا لا يشير إلا بما يعود عليه بالمنفعة الشخصية، فأشار على الباشا أن يرفع إلى الأستانة تقريرا سريا يشرح فيه ما حصل من القلاقل، وينسبها جميعها إلى الأميرين رضوان بك وعلي بك، وينسب إليهما أيضا اختلاس الخزينة المصرية وأنهما سلباه منصب أمير الحج وحكومة جرجا؛ كل ذلك لكي يرجع قنسوبك وماماي بك إلى منصبيهما. (10-4) رضوان بك وعلي بك

فباشر الباشا كتابة ذلك التقرير وطلب إلى بعض الأعيان أن يوقعوا عليه، فبلغ ذلك مسامع رضوان بك فأسرع إلى كتابة تقرير مناقض لتقرير الباشا، وبعث به إلى الأستانة فوصل قبل تقرير الباشا، وفيه ما فيه من التشكيات ضد قنسو بك وماماي بك، فورد الجواب من الأستانة مفوضا إلى رضوان بك وعلي بك أمر النظر في تلك القضية، وفي 21 جمادى الأولى سنة 1057ه ورد الفرمان بذلك إلى الباشا، وفي 27 منه استدعاهما الباشا إلى القلعة فاستدعيا قنسو بك وماماي بك، وأمرا بقتلهما وقتل أمراء آخرين كانوا على دعوتهما. ولم تكد تتخلص مصر من دسائس هؤلاء حتى ظهرت دسائس مصطفى كخيا الملقب بالششنير؛ لأنه لم يسم سنجقا عوضا من قنسو بك. وفي 8 رمضان من تلك السنة وردت الأوامر إلى علي بك أن يترك القاهرة، ويتوجه حالا إلى حكومته في جرجا. وبعد ثلاثة أيام استدعى الباشا رضوان بك إلى وليمة في القلعة، فخاف من دسيسته فأبى الحضور، فغضب عليه الباشا وجرده من إمارة الحج، فخرج رضوان بك من القاهرة في مائتين من رجاله، وفيهم عدة من الأمراء والكشاف، واتحد مع علي بك؛ فبعث الباشا على أثرهما ألفين من جنوده ونحو خمسمائة من الإنكشارية، فاجتمع الجند في الرميلة وأقروا على إغفال أوامر الباشا. ثم وردت الأوامر من الأستانة بتثبيت رضوان بك وعلي بك في منصبيهما. فاضطر الباشا إلى استقدام الأميرين فقدما إلى القاهرة في 19 رمضان بما لهما من الرواتب والحقوق، فسعى إلى مصالحتهما مع مصطفى كخيا.

وفي 6 ذي الحجة من تلك السنة شاع في القاهرة أن الوزير مصطفى باشا سمي على مصر عوضا من محمد باشا بن حيدر. وفي 26 منه وردت الأوامر قاضية بإعادة محمد باشا إلى منصبه. وفي 17 رجب سنة 1048ه توفي السلطان إبراهيم وتولى مكانه السلطان محمد الرابع.

وترى في شكل

ناپیژندل شوی مخ