تاریخ مصر جدید: له اسلامي فتح څخه تر اوسه پورې سره په زړه پورې معلومات په قدیم مصر باندې
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
ژانرونه
أما ناصر الدولة فلم ينفك ساعيا في مراده، وأصبحت القوة العسكرية شطرين: الواحد على غرض ناصر الدولة وهم الأتراك، والآخر على غرض الخليفة. فلم ير الخليفة بدا من خطة الدفاع بإظهار القوة. فكتب إلى ناصر الدولة ينذره وينصح إليه بما نصه: «تقربت منا وطلبت حمايتنا فحميناك، وبذلنا لك العطاء فكافأتنا بالعقوق، وما زادك حلمنا إلا قحة فأفسدت بين جيوشنا، وتواطأت مع ذويك على مناوأتنا، فالآن اخرج من بلدنا، ونحن نضمن لك الأمان، ونؤذن لك بأن تحمل معك ما شئت إلى حيث شئت، وإن لم تذعن أوقعنا بك عقابا صارما.» فأجابه ناصر الدولة ساخرا، فبعث المستنصر إلى قواد الأتراك الذين كانوا من حزبه وبينهم دكز، وهو من ألد أعداء ناصر الدولة (مع أنه حموه) وجاء معهم قواد المغاربة، وأمراء كتامة، وطلب إليهم مبايعته ثانية فبايعوه.
فرأى ناصر الدولة عدد رجاله قليلا فبرح القاهرة إلى الجيزة، ونهبوا داره، ودور حواشيه، وقتلوا كثيرين منهم. ثم ركب المستنصر جواده، ولبس درعه، وأحاطت به الأعلام فمر من تحتها جميع من في القاهرة من الأتراك، وفيهم عدد عظيم من رجال ناصر الدولة، وسار الموكب حتى أتى بين القاهرة والفسطاط فنودي بالنصر للخليفة المستنصر. أما ناصر الدولة فلما رأى ما كان من قلة رجاله ونفاد ماله فر إلى الإسكندرية، وتحصن فيها، وبعث إلى أهله أن يقدموا، ثم عمل على بث أغراضه في مصر السفلى بمساعدة بعض القبائل الأعراب فحمل الناس على خلع المستنصر ومبايعة القائم بأمر الله العباسي. (5-9) المجاعة والغلاء
أما الفسطاط والقاهرة فلم تكونا في معزل عن تلك القلاقل؛ لأن الجوع تمكن منهما لتقصير النيل مدة خمس سنوات متواليات، وامتد الجوع إلى سنة 464ه وكان معظمه سنة 462ه، ومنذ سنة 457ه لم يكن وفاء النيل كافيا للري. ثم توالت القلاقل التي اقتضت الإسراف بالحبوب، ورافق كل ذلك اشتغال الحكومة بسياستها الداخلية عن الزراعة. فكل هذه الأسباب جعلت الحنطة نادرة جدا فبلغ ثمن الأردب الواحد مائة دينار، والقطة 3 دنانير، والكلب 5 دنانير إن وجدت.
ورافق هذا الغلاء وباء مكث سبع سنين فلم يبق من يزرع، وشمل الخوف من في العسكر ووافق ذلك ثورة العبيد، فانقطعت الطرقات برا وبحرا إلا بالخفارة الكثيرة، ولما استفحل أمر الجوع جاء المستنصر إلى والي القاهرة، وأنذره مقسما برأسه أنه إذا كان لا يتخذ طريقة لتخفيف هذه النازلة قطع عنقه، وكان الوالي عالما بمخابئ كثيرة من الحنطة، ولكنه لم يكن يعلم مقرها فأخرج بعض المسجونين المحكوم عليهم بالإعدام، وألبسهم ملابس الأغنياء، وأوقفهم في رحبة عمومية، وأمر بقطع رءوسهم بدعوى أنه لم ير سبيلا لتخفيف وطأة الجوع إلا بقتل الأغنياء، وقال: إنه لن ينفك عن القتل حتى يشبع الناس، فخاف الأغنياء الذين كانوا قد أخفوا الحنطة، وفتحوا مخازنهم ، وفرقوا الزاد على العباد.
وكان ناصر الدولة قد حصر حبوب مصر السفلى، ومنع شحنها إلى القاهرة وجهاتها، وجاء القاهرة وحاصرها بعد أن أحرق كل ما مر به من القرى والمدن، فاضطر الخليفة بعد طول المقاومة أن يفتح أبواب المدينة لناصر الدولة وأتباعه، ولما دخل ناصر الدولة القاهرة زاد قحة وطمعا فعاد إلى مطامعه، وادعى أن له على الخليفة مرتبات متأخرة، وبالغ في احتقاره.
ويحكى أن ناصر الدولة بعث مرة إلى الخليفة فرآه الرسول في قصره جالسا على حصير بال ليس عنده من الفرش غيره، وقد أصبح لا حاشية عنده إلا ثلاثة خدم نصف عراة فطلب الرسول دفع المتأخر فالتفت إليه الخليفة قائلا: «أما يكفي ناصر الدولة أن أجلس في مثل هذا البيت على مثل هذا الحصير؟ فليأخذ إذن هذا الحصير، وهؤلاء العبيد، وهذه الأثواب التي لا تكاد تستر عورتي، ولينصرف عني.» فبكى الرسول، ورجع إلى ناصر الدولة وأخبره فتأثر من هذا القول، واحمر خجلا، وتنازل عن طلبه، وخصص للمستنصر مرتبا يوميا ينفقه على حاجات بيته.
وفي سنة 465ه تصالح ناصر الدولة مع حميه دكز، ولكن هذا لم يزل في ريب من مقاصد صهره فعمد إلى الإيقاع به فاصطحب بعض خاصته، وجاءوا إلى دار ناصر الدولة التي تعرف بمنازل الغز، وهي على النيل. فدخلوا من غير استئذان إلى صحن داره، فخرج إليهم ناصر الدولة في رداء؛ لأنه كان آمنا منهم. فلما دنا منهم ضربوه بالسيوف فسبهم، وهرب منهم يريد الحرم فلحقوه، وضربوه حتى قتلوه، وأخذوا رأسه.
ومضى رجل منهم يعرف بكوكب الدولة إلى فخر العرب أخي ناصر الدولة، وكان فخر العرب كثير الإحسان إليه فقال الحاجب: «استأذن لي على فخر العرب، وقل صنيعتك فلان بالباب.» فاستأذن له فأذن له، وقال: لعله قد دهمه أمر. فلما دخل عليه أسرع نحوه كأنه يريد السلام عليه، وضربه بالسيف على كتفه فسقط إلى الأرض فقطع رأسه، وأخذ سيفه، وكان ذا قيمة وافرة، وأخذ جارية له أردفها خلفه، وتوجه إلى القاهرة، وقتل أخوهما تاج المعالي، وانقطع ذكر الحمدانية بمصر. (5-10) بدر الجمالي أمير الجيوش
على أن ذلك لم يكن ليسكن بال المستنصر؛ إذ قد تخلص من شر، ووقع في آخر؛ لأن دكز لم يكن أقل معاكسة له من صهره فالتجأ المستنصر إلى بدر الجمالي حاكم سوريا - المتقدم ذكره - فكتب إليه سرا أن يأتي بجيشه إلى مصر؛ ليوليه عليها، فقبل بدر مشترطا أن يستبدل جنود مصر بمن يختارهم من أهل الشام.
سافر بدر الجمالي من سوريا في عصبة من رجال قد اختبر شجاعتهم، وأمانتهم طويلا، وسار إلى عكا، ومنها بحرا إلى مصر، وكانت الريح جيدة على غير المعتاد في مثل ذلك الفصل؛ لأنه برح عكا في أول ديسمبر (كانون الأول) وبلغ مصر ولم يشعر أحد به، ونزل بين تنيس ودمياط. فاستقبله سليمان كبير أهل البحيرة، وتوجهوا نحو القاهرة فنزلوا في قليوب، وبعثوا إلى الخليفة أن يقبض على دكز قبل دخولهم فقبض عليه، واعتقله في خزانة البنود. فدخل بدر الجمالي القاهرة يوم الأربعاء 29 جمادى الأولى سنة 467ه، ولم يكن للأمراء علم باستدعائه فما منهم إلا من أضافه. فلما انقضت نوبهم في ضيافته استدعاهم إلى وليمة أعدها لهم في منزله، وبيت مع أصحابه: «إن القوم إذا أجنهم الليل فإنهم لا بد يحتاجون إلى الخلاء فمن قام منهم إلى الخلاء يقتل هناك.» ووكل بكل واحد واحدا من أصحابه، وأنعم عليه بجميع ما يتركه ذلك الأمير من دار ومال، وإقطاع وغيره. فصار الأمراء إليه، وظلوا نهارهم عنده وباتوا مطمئنين فما طلع ضوء النهار حتى استولى أصحابه على جميع دور الأمراء، وصارت رءوسهم بين يديه. فقويت شوكته، وعظم أمره، وخلع عليه المستنصر بالطيلسان المقور، وقلده وزارة السيف والقلم. فصارت القضاة والدعاة وسائر أرباب الدولة من تحت يده، وزيد في ألقابه لقب: «أمير الجيوش كافل قضاة المسلمين، وهادي دعاة المؤمنين»، وتتبع المفسدين فلم يبق منهم أحد حتى قتله، وقتل من أماثل المصريين وقضاتهم ووزرائهم جماعة.
ناپیژندل شوی مخ