تاریخ مصر جدید: له اسلامي فتح څخه تر اوسه پورې سره په زړه پورې معلومات په قدیم مصر باندې
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
ژانرونه
وبعد يسير أصيب الحاكم بتغيير في عقله لم يفارقه حتى فارقته الحياة، وظهر في أثناء ذلك متمذهب يدعى ضرار وتبعه جماعة عرفوا بالضرارية. ثم توفي الزعيم وخلفه أحد تلاميذه المدعو حمزة بن أحمد الملقب بالهادي، وسن هؤلاء شرائع كثيرة، وعلموا تعاليم مختلفة، منها: تعظيم يوم الجمعة، والاحتفال بالأعياد، والتعويض عن الحج لمكة بزيارة مقام طالب في اليمن، ومن شرائعهم: أنهم أباحوا الزيجة بين الأخ وأخته، وأب وبناته، والأم وأبنائها، وجاءوا بأمور كثيرة تخالف أو تناقض ما جاء في القرآن.
فارتاح الحاكم لهذه الديانة الجديدة وافتتن بها فتبعها، ونسي ديانة أبيه وجده، وكان يصعد كل صباح منفردا إلى الجبل المقطم حيث ادعى أنه يناجي الله كما كان يفعل موسى، وبعد أن كان أشد نصير للديانة الإسلامية نادى جهارا بمقاومتها، وادعى بالسوء على الصحابة، وسعى في إبطال الديانة الإسلامية، وإقامة ديانة جديدة فحبطت مساعيه فاحتقرته الرعية، ولم تعد تعبأ بمدعياته فعاد إلى نصرة الإسلام فاضطهد النصارى واليهود.
وكان السبب الرئيسي في ذلك الاضطهاد: تقدم النصارى في أيامه حتى صاروا كالوزراء، وتعاظموا لاتساع أحوالهم، وكثرة أموالهم فتزايدت مكايدتهم للمسلمين على عهد عيسى بن نسطوروس وفهد بن إبراهيم النصرانيين فغضب الحاكم بأمر الله - وكان إذا غضب لا يملك نفسه فيبلغ غضبه إلى حد الجنون - فأمر بقتل هذين الرجلين، وشدد على النصارى فأمرهم بلبس ثياب الغيار وشد الزنار في أوساطهم، ومنعهم من عمل الشعانين والتظاهر بما كانت عادتهم فيه، وقبض على ما في الكنائس وأدخله الديوان، ومنع النصارى من شراء العبيد، وهدم كنائسهم، وأجبرهم على الإسلام ... وغير ذلك من التشديد والعنف بما لم يقاس النصارى مثله من قبل، ولعله أعظم ما أصابهم من الاضطهاد في إبان التمدن الإسلامي، ولا جناح على التمدن به؛ لأن مرتكبه أتاه عن حمق أو جنون.
وقد سوغ للحاكم المبالغة في اضطهاد النصارى حرب كانت بين الروم والمسلمين يومئذ فأخرب الروم بعض جوامع المسلمين، ومنها جامع كان لهم في القسطنطينية؛ فانتقم الحاكم منهم بالتضييق على أهل مذهبهم في بلاده، وكان في جملة ما هدمه من الكنائس: كنيسة القيامة بالقدس. فلما تولى الخليفة الظاهر لإعزاز الدين بعد الحاكم عقدت الهدنة بينه وبين ملك الروم سنة 418ه واتفقا على إعادة بناء جامع القسطنطينية، وأن يعاد بناء كنيسة القيامة، وأن يؤذن لمن أظهر الإسلام في أيام الحاكم أن يعود إلى النصرانية إذا شاء فرجع إليها كثيرون.
وربما كان السبب الذي حمل الحاكم على ذلك التضييق طفيفا فعظمه تعصبه وحمقه فأمر بالهدم والقتل. على أنه كثيرا ما كلف رعاياه من المسلمين وغيرهم أمورا مضحكة تشبه الجنون الصريح كإصداره المنشورات بمنعهم من أكل الملوخيا أو من البقلة المسماة بالجرجير، أو منعهم من عمل الفقاع، ومنع النساء من التبرج أو المسير في الطرق، والأمر بسب السلف ولعنهم، ونقش ذلك على المساجد وأبواب الحوانيت وعلى المقابر ونحو ذلك من الأوامر التي تدل على اختلال في عقله.
على أننا قلما نراه أتى أمرا إلا لسبب - وإن كان ضعيفا - فالسبب في منعه الناس من أكل الملوخيا مثلا: أن معاوية بن أبي سفيان عدو الشيعة كان يحبها والدول الفاطمية شيعية، ومنعهم من أكل بقلة الجرجير؛ لأنها منسوبة إلى عائشة أم المؤمنين، ومنعهم من أكل المتوكلية؛ لأنها تنسب إلى المتوكل وهو من أعداء الشيعة، ومنع الناس من شرب الفقاع؛ لأن علي بن أبي طالب يكرهه ... وقس على ذلك سائر ضروب الحماقة والغرابة، ومن هذا القبيل اضطهاد النصارى وتخريب كنائسهم. على أنه عاد لسبب طفيف أو بلا سبب وأمر ببناء تلك الكنائس، وخير النصارى في الرجوع إلى دينهم فارتد كثيرون منهم - وقد تقدم أن ذلك كان في أيام ابنه الظاهر - ومن أعماله الغريبة أنه ابتنى المدارس، وجعل فيها الفقهاء والمشايخ، ثم قتلهم وأخربها، وألزم الناس بإغلاق الأسواق نهارا وفتحها ليلا فظل الناس على ذلك دهرا طويلا. فمن كانت هذه أعماله لا يستغرب منه اضطهاد، ولا يعد اضطهاده عارا على الدولة أو الأمة.
فكان هذا الحاكم حملا ثقيلا على عاتق المصريين والسوريين، ولم يستطع أحد مقاومته فكان كل منهم يكظم غيظه، وهو يسمع بإذنه رنة السهم في قلبه.
ولكن الأمور تجري على سنن محدودة، ولا بد لكل منها من نهاية فعلمت أخت الحاكم وقائد جيشه أن الحاكم ينوي قتلهما فعمدا إلى اغتياله قبل أن يغتالهما فأخذا الاحتياطات الممكنة، وفي سنة 411ه قتلاه على جبل المقطم، وبعد موته صار النفوذ إلى أخته ونادت بابنه علي أبي الحسن الملقب بالظاهر لإعزاز دين الله وريثا له فاستلم زمام الأحكام فبايعوه، وبقيت الأحكام في يده 17 سنة. (3-2) جامع الحاكم
ومن آثار الحاكم بأمر الله الجامع المعروف بجامع الحاكم، وقد تقدم أن العزيز وضع أساسه على يد وزيره يعقوب بن كلس فأتم الحاكم بناءه، وأنفق في سبيل ذلك أربعين ألف دينار، ودعاه جامع باب الفتوح لمجاورته له، وجعل فيه المفروشات الثمينة، والأواني الفضية والذهبية، وكان هذا الجامع عند بنائه خارج سور القاهرة. ثم لما جاء أمير الجيوش وجدد الأسوار - كما سيأتي - وابتنى باب الفتوح حيث هو اليوم أصبح الجامع داخل السور. ثم تهدم بعضه بزلزلة حصلت في 13 ذي الحجة سنة 702ه فانتدب الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير لترميمه، وجعل فيه دروسا أربعة لتعليم الفقه على مذاهب الأئمة الأربعة، ودرسا لإقراء الحديث، وجعل فيه مكتبة نفيسة وصهاريج للماء وأماكن أخرى. ثم جدد هذا الجامع وبلط جميعه في أيام الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاون سنة 760ه على يد الشيخ قطب الدين محمد الهرماس، ويقال: إن الشيخ المشار إليه وجد في الجامع حجرا مكتوبا عليه هذه الأبيات لغزا في الحجر المكرم:
إن الذي أسررت مكنون اسمه
ناپیژندل شوی مخ