تاریخ مصر جدید: له اسلامي فتح څخه تر اوسه پورې سره په زړه پورې معلومات په قدیم مصر باندې
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
ژانرونه
ولم يفتر المأمون في أثناء تجواله بمصر عن تنظيم أحوالها، وإصلاح داخليتها، وتأييد مجالسها وأحكامها، وأمر بترميم مقياس النيل الذي بناه أسامة في الروضة، وبناء جامع فيه، ومقياس آخر في بنبنودا (الصعيد) وترميم مقياس إخميم.
وبعد أن برح المأمون مصر بلغه أن الدواوين في مصر سارت على خطة لا يرضاها من حيث قبول الزيادات، وفسخ عقود الضمانات، وانتزاعها ممن كابد المشقة والتعب في إصلاحها وإسمادها وتسليمها لمن يدفع الزيادة من غير كلفة ولا نصب. فلما علم بذلك أنكره، ومنع ارتكابه، وأصدر أوامره الصارمة بإعفاء الكافة أجمعين، والضمناء والعاملين من قبلوا الزيادة فيما يتصرفون فيه، ويستولون عليه ما داموا مغلقين، وبأقساطهم قائمين، وتضمن ذلك منشور قرئ على الناس ينبههم فيه إلى ما جاء في الكتاب العزيز:
يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود .
وفي 19 رجب سنة 218ه توفي الخليفة المأمون على إثر حمى حادة على نهر البذندون في سيلسيا، ودفن في طرسوس، وعمره 48 سنة وبضعة أشهر، ومدة خلافته عشرون سنة وخمسة أشهر و13 يوما.
أما آثار المأمون: فأجل آثار الخلفاء؛ لأنها تدل على ما بلغه العلم، وما بلغت إليه الصناعة من السعة والإتقان، وقد كان لشدة تعلقه بالعلم والصناعة يتعاطاهما بنفسه، ويأخذ بناصرهما، وكان يبذل النفس والنفيس في سبيل تقدمهما، ولولاه لفات العرب كثير من المؤلفات التي كتبت بالفارسية أو السريانية أو اليونانية أو الهندية أو اللاتينية؛ فهو الذي سعى في نقل أكثرها إلى اللغة العربية، ونشط رعيته لمطالعتها، والاستفادة منها، ولا يقتصر فضله من هذا القبيل على أبناء اللغة العربية؛ فإن أهالي أوروبا عموما مدينون له؛ لأنه حفظ لهم كتابات كثيرة يونانية ولاتينية؛ لولا نقلها إلى العربية وحفظها فيها لأزالتها يد الزمان كما أزالت غيرها مما نسمع به ولا نراه، وكان كلفا بمجالسة العلماء والحكماء لا يخلو مجلسه منهم، ولم يكن يقتصر على العلماء من شعبه وملته، لكنه استدعى إليه جماعة من علماء النصارى واليهود واليونان والفرس حتى المجوس والهنود، وقربهم منه، ولم يفرق بين أحد منهم بالإكرام والسخاء، وكان إذا صرفهم إنما يصرفهم متأسفا على مفارقتهم، وهم أشد أسفا منه على ذلك؛ لأنهم كانوا يرتاحون إلى مجالسته لما كانوا يتمتعون به من لطفه ودعته.
وقد نبغ في أيامه علماء كثيرون من المسلمين وغيرهم بعلوم كثيرة كالفلك والهندسة والفلسفة العقلية وغيرها. منهم أحمد بن كثير الملقب بالفرغاني، وعبد الله بن سهل، ومحمد بن موسى، وما شاء الله اليهودي، ويحيى بن أبي المنصور، وقد أقام بواسطتهم الأرصاد الكثيرة، وكان عالما بالفلك، فكان يعاونهم بالرصد أحيانا في مرصد الشماسية قرب بغداد، وأحيانا في المرصد على جبل قيسون قرب دمشق.
ومن الأطباء الذين كانوا يجالسونه: سهل بن سابور، وجبرائيل الذي بحث في الرمد على الخصوص، ويوحنا بن البطريق الملقب بالترجمان؛ لأنه ترجم الكتب الطبية من اليونانية إلى العربية.
1
ففي خلافة المأمون وأبيه بلغت دولة العباسيين مجدا عظيما، واتسع نطاق مملكتهم؛ فبلغت حدود الصين شرقا فاستولوا على الهند، ومنها شمالا إلى السواحل المتجمدة من البحر الشمالي إلى أقصى عشائر الأتراك، وساروا في بلاد اليونان إلى البوسفور، ومن الجنوب إلى جبال الحبش العليا الوعرة المسلك إلى القبائل البربرية في داخلية إفريقيا، ومن الغرب إلى الجزائر فطرابلس الغرب، ومنها شمالا في أوروبا إلى ما وراء الأندلس في أرض فرنسا. فكانت حدود تلك المملكة تلاطمها أمواج الأوقيانوس الأتلانتيكي غربا، والأوقيانوس الهندي والعربي جنوبا، ويكاد يمسها الأوقيانوس المتجمد شمالا.
إلا أنها قبل وفاة المأمون أخذت بالانقسام على نفسها؛ فانحطت شوكتها، وابتدأ ذلك في غربيها، فانفصلت عنها الأندلس، واستقلت بنفسها من زمن المنصور، وتولتها دولة أموية جديدة.
ناپیژندل شوی مخ