ويفسر وجودها في تلك الواحات على أساس أنها رسبت في المياه الأرتوازية التي تنفجر من عيون في مختلف نواحيها. ولما كانت هذه المياه الأرتوازية تخترق في صعودها من باطن الأرض إلى سطحها طبقات من الحجر الرملي الذي يحتوي أكاسيد الحديد، فإنها تحملها معها وترسيها على السطح نقية نظيفة دقيقة الحبيبات جدا. وقد علمت من بعض المشتغلين بهذه الصناعة أن هذه الأكاسيد هي من الجودة بحيث لا يستعملونها وحدها إلا نادرا، والأغلب أن تضاف إلى أصناف أقل جودة منها لتحسين نوعها. (3)
في «الصحراء الشرقية» بين شواطئ البحر الأحمر ووادي النيل، هنا توجد خامات الحديد في نقط عديدة وعلى صور مختلفة بقدر اختلاف الأشكال الچيولوچية في تلك الصحراء الواسعة. وسنقتصر على الإشارة إلى بعض الجهات التي يوجد بها الحديد بشيء من الإيجاز: (1)
عند السفح الشرقي لجبل الجلالة البحرية، حيث يوجد خام الحديد متخللا الطبقات الحجرية الرملية في الوضع الچيولوچي ذاته، الذي توجد فيه خامات الحديد والمنجنيز في المنطقة المقابلة لها من شبه جزيرة سينا.
على أن هذه الخامات لم تحظ حتى الآن بأي عناية من البحث؛ إذ إن ما قد ظهر منها لا يغري بهذا البحث. هذا إلى أن التحليل الكيمائي الجديد أظهر أنها تحتوي 33 في المائة من أوكسيد الحديد؛ أي نحو 23 في المائة من معدن. (2) «وادي العرب» على مسافة 60 كيلومترا من شاطئ خليج السويس، توجد عروق من المرو تحتوي معدن أوكسيد الحديد على صورة قشور رقيقة لامعة غنية بمعدن الحديد. وقد أظهر التحليل الكيمائي أنها تحتوي نحو 78 في المائة من الأوكسيد؛ وهي لذلك منطقة خليقة بالبحث للوقوف على مقدار صلاحيتها للاستغلال. (3) «وادي أبو غصون» على مقربة من بئر رنجة القريبة من شاطئ البحر الأحمر على مسافة 200 كيلومتر جنوب ميناء القصير. على جانب هذا الوادي توجد بعض الجبال التي تحتوي مقدارا كبيرا من الخام المعدني، أظهر تحليل نموذج منه أن به 55,8 في المائة من أوكسيد الحديد، ونظرا إلى قرب هذه المنطقة من شاطئ البحر، والارتفاع الكبير في أسعار خام الحديد في الوقت الحاضر؛ فقد تنال هذه المنطقة بعض العناية من البحث في وقت قريب.
الحديد في أسوان
وقد تكون هذه المنطقة أهمها جميعا لأسباب ثلاثة: (1) لاتساع مساحتها. و(2) لأنها تستغل الآن بعض الاستغلال لصناعة الأصباغ. و(3) لاشتداد الاهتمام بتوليد القوى الكهربائية من مساقط الماء بخزان أسوان.
ومع أن الدكتور هيوم كان قد أشار عام 1909 إلى وجود أكاسيد الحديد في الأحجار الرملية قرب أسوان، إلا أن فضل اكتشاف هذه المنطقة الكبرى وإقامة البرهان العملي على إمكان الاستفادة من خام الحديد بها من صناعة الأصباغ يرجع إلى جهود المهندس المصري «لبيب نسيم». وقد حفظت له الحكومة حق البحث في المنطقة منذ عام 1921 حماية لصناعة الأصباغ، التي كان قد بدأها، والتي بلغت شأنا لا يستهان به، وإن كانت في حاجة كبيرة إلى التشجيع.
هذه المنطقة الواسعة تمتد من حافة الصحراء شرق أسوان إلى خمسين كيلومترا في الصحراء الشرقية، بعرض متوسطه 20 كيلومترا من الشمال للجنوب. وقد قامت مصلحة المناجم والمحاجر عام 1932 حين قام لبيب نسيم وبعض الممولين الآخرين، بفحص هذه المنطقة للتعرف على مقدار ما بها من خام الحديد وتقرير صلاحيته لمختلف الأغراض الصناعية. وسألخص هنا النتائج التي انتهت إليها هذه الأبحاث المختلفة: (1)
تقدر المساحة التي بها الخامات بما يقرب من 500 كيلومتر مربع. (2)
المنطقة تتألف من هضبة يترواح منسوبها ما بين 150 مترا و350 مترا فوق منسوب البحر، مع ملاحظة أن منسوب وادي النيل عند أسوان حوالي 200 متر، وهي على الجملة منبسطة السطوح عدا الوديان التي يبلغ متوسط عمقها حوالي 20 مترا من سطح الهضبة. (3)
ناپیژندل شوی مخ