تاريخ المسرح
تاريخ المسرح في العالم العربي: القرن التاسع عشر
ژانرونه
22
وفي أغسطس 1875 قال سليم النقاش، تحت عنوان «فوائد الروايات أو التياترات»: «... لما تعرفت ببعض أعيان مصر الكرام بسطت إليهم أمري وأطلعتهم على ما بسري فأوعزوا إلي أن ألتجئ إلى المراحم السنية الخديوية فهي ملجأ الراجي ومنية الراغب ومأمول الطالب، ففعلت. وهكذا بلغت فوق ما تمنيت من أفضال جنابه العالي وأحسن إلي بقبول طلبي؛ وذلك بأن أدخل فن الروايات باللغة العربية إلى الأقطار المصرية، فعدت إذ ذاك لأجهز في بيروت جماعة للتشخيص، وألفت بعض روايات، وبعد جمع الجماعة باشرت دراسة الروايات فأتقن أكثرها وعما قليل يتم إتقانها كلها فأسير بالجماعة لأجري هذه الخدمة في الديار المذكورة.»
23
وفي أكتوبر 1875 قالت أيضا مجلة «الجنان»، تحت عنوان «الروايات الخديوية التشخيصية»: «... نشرنا جملة طويلة عن الروايات التشخيصية الخديوية العربية التي سلم إنشاؤها إلى جناب الأديب البارع سليم أفندي خليل النقاش ... ولولا موانع الهواء الأصفر لكان سليم أفندي المومأ إليه والمشخصون والمشخصات في مصر القاهرة منذ شهر أيلول للابتداء في التشخيص في ذلك الشهر.»
24
وهذه المقتطفات أدلة قوية على أن سليم خليل النقاش، هو أول من أدخل فن المسرح العربي في مصر، لا صنوع. وإذا كان لصنوع أي نشاط مسرحي، لكانت هذه المقتطفات أشارت إليه؛ لما يتمتع به في هذا الوقت من مكانة مرموقة عند الخديو، ذلك الخديو الذي لجأ إليه سليم كي يقوم بمهمة إدخال الفن المسرحي باللغة العربية لأول مرة في مصر.
هذا بالإضافة إلى أن سليم النقاش في ذلك الوقت، كان يطرق كل باب حتى يصل إلى مراده بالدخول إلى مصر لإقامة المسرح العربي بها، فمن غير المعقول أن ينكر الرائد الوحيد في مجال نفس الفن الذي يريد إدخاله إلى مصر! وهذا ينطبق أيضا على الصحف التي أكدت ريادة سليم وأنكرت ريادة يعقوب صنوع، تلك الصحف التي كان من المفروض عليها أن تمهد السبيل لدخول سليم إلى مصر تمهيدا طبيعيا، بأن تذكر جهود صنوع الرائد الأول. ولكنها سلكت الطريق المعاكس بأن أنكرت يعقوب صنوع وأثبتت أن سليم النقاش هو أول من أدخل الفن المسرحي العربي إلى مصر.
وأخيرا يأتي سليم إلى مصر، وتستقبله الإسكندرية استقبالا حافلا، أخبرتنا به جريدة «الأهرام» في ديسمبر 1876، تحت عنوان «الروايات العربية».
25
ومن الغريب أن الجريدة في حديثها عن سليم، لم تذكر أية إشارة لوجود صنوع كمسرحي! رغم أن المنطق يقول: إذا كانت مجلة «الجنان» اللبنانية تحدثت عن ريادة سليم، وأنكرت ريادة صنوع من قبل عصبيتها لابن من أبنائها، فمن المفروض أن تحذو جريدة «الأهرام» حذوها. أو على أقل تقدير تذكر سليم النقاش مع الإشارة إلى جهود من سبقه في مصر كصنوع. علما بأن جريدة الأهرام نفسها ذكرت أخبار صنوع كصحفي في مناسبة تالية في عام 1878، وأيضا لم تشر إلى جهوده المسرحية.
ناپیژندل شوی مخ