تاريخ المسرح
تاريخ المسرح في العالم العربي: القرن التاسع عشر
ژانرونه
ومن المؤكد أن الخديو إسماعيل كان مولعا بحفلات الرقص الأوروبية بصفة عامة - وبالراقصات بصفة خاصة - لدرجة أنه كان يحضر حفلاتها دائما سواء في الأوبرا أو في الكوميدي الفرنسي. لذلك نجده يصدر أوامره من سراي عابدين إلى محافظ مصر، يأمره بإبقاء فرقة الراقصات التابعة لمسرح الكوميدي الفرنسي - بعد أن أنهت موسمها - بالأوبرا لمدة 15 يوما بداية من يوم 1 / 4 / 1875 وصرف 14512 فرنكا للفرقة نظير ذلك.
46
وأهم أحداث التاريخ في ذلك الوقت فيما يتعلق بمسرح الكوميدي الفرنسي، كان في مارس 1869؛ أي بعد افتتاحه بشهرين تقريبا. وهذا الحدث ذكرته جميع الصحف في ذلك الوقت وخصوصا «جريدة الجوائب» التي قالت في 3 / 3 / 1869: «منذ أيام وقعت واقعة غريبة وحادثة مستبشعة عجيبة ... وهي أنه وجدت تحت الكرسي المعد لجلوس الحضرة الخديوية بمحل التياترو المصري آلة يقال لها «ماشين الفرنال» ممتلئة بارودا وأجزاء جارحة، فعلم من قرائن الأحوال أن ذلك ليس إلا سوء قصد من خائن غبي ذي حقد يريد منفعة نفسه بإضرار الناس، وقد خيب الله قصده وكشف بلطفه سره وصده وسلم تلك الحضرة السنية من المقاصد الخبيثة الدنية، وشكل قومسيون مخصوص مؤلف من مأمورين من الحكومة وحضرات قناصل فرانسا والإنكليز وأوستريا وإيطاليا للبحث، بحضور حضرة مأمور الضبطية بالتدقيق عن فاعل تلك الفعلة الشنيعة وداس دسيسة هاتيك الآلة الفظيعة. وحجز «ميناس» ناظر ذلك التياترو ومن سيء به الظن من خدمته، وها هو جار السؤال لهم واستكشاف الحال ... وبظهور هذا الخبر بادر إلى سراية الجيزة كل معتبر من حضرات العلماء الأعلام والمأمورين الفخام وقناصل الدول المتحابة وكثيرين من أمراء الأهالي والأجنبيين لتهنئة الجناب الخديوي بالسلامة الجديدة.»
47
وأرقت هذه الحادثة الخديو؛ لأنه ظن أنها مكيدة من عمه حليم باشا المنفي، بسبب خلافهما على وراثة الخديوية بعد صدور فرمان نظام الوراثة الجديد، الذي نص على تولي الخديوية لأكبر أبناء الخديو إسماعيل، لا لأكبر أبناء محمد علي باشا. وانتهى التحقيق في هذه المؤامرة، باكتشاف أن القنبلة كانت وهمية لا يصدر منها إلا صوت فرقعة، وأن مدبرها منسي مدير المسرح الذي اعترف «بأن المسألة كلها لعبة دبرها هو، لتتخذ شكل مكيدة، فيكون له فخر اكتشافها ومغنم المكافأة الثمينة التي كان لا بد من إعطائها له. غير أن إسماعيل لم ترق في عينه تلك اللعبة، ولولا تداخل قنصل فرنسا، بتأثير ممثلة من ممثلات الجوقة كان مغرما بها، لخسف بذلك الأرمني السمج الأرض، أو نفاه على الأقل إلى فازوغلو؛ ذلك البلد الذي لم يكن أحد يعود منه. ولكن تداخل القنصل الفرنساوي عمل عمله؛ فجرد منسي بك من رتبته ونياشينه فقط، وطرد من البلاد، وأنذر بالإعدام إذا تجاسر على العود إليها.»
48
والوثائق - التي بين أيدينا - تؤكد ما جرى لمدير المسرح، ففي 1 / 5 / 1869 أصدر الخديو إسماعيل أمره بفسخ عقد الخواجا منسي وصرف جميع مستحقاته.
49 (1-5) مسرح حديقة الأزبكية
يعتبر مسرح حديقة الأزبكية - رغم شهرته الكبيرة - لغز الألغاز في تاريخ المسرح المصري؛ وذلك لأننا لا نجد له أية إشارة تتحدث عنه بصورة صريحة! فلا نعرف مكانه على وجه التحديد، ولا نعلم عن أموره الإدارية أي شيء على الإطلاق، بل لا نعلم تاريخ بنائه أو افتتاحه، وكل ما نعلمه بعض الإشارات اليسيرة من خلال أخبار الفرق المسرحية التي عرضت عليه أعمالها المسرحية، أو الجمعيات التي أقامت به احتفالاتها الخيرية. وبسبب هذا التعتيم على هذا المسرح وقع الكثير منا في خطأ الخلط بينه وبين مسرح الكوميدي الفرنسي، الذي قيل عنه في كتابات كثيرة إنه مسرح حديقة الأزبكية! وفي السطور القادمة سنكشف النقاب عن حقيقة هذا المسرح، مع تاريخ تفصيلي له ولنشاطه الإداري والفني.
مسرح حديقة الأزبكية.
ناپیژندل شوی مخ