232

تاریخ الملک الظاهر

تاريخ الملك الظاهر

ژانرونه

ومنها أنه كان بجزيرة صقلية في زمن الأنبرور مقدار خمسة عشر ألف فارسا من المسلمين مهادنا لهم ، وكانوا في خدمته لهم الاقطاعات ، فلما خرجت عن ملكه بوفاته ، آشار من بها من الفرنج على من ملكها بعده بقتلهم فقتل منهم مفرقا مقدار ثلاثة آلاف فارس . فلما اتصل بالسلطان الملك الظاهر قتلهم ، وما الفرنج عليه من العزم على قتل الباقين ، كتب إليهم أن هؤلاء المسلمين أقرهم الملك الذي كان قبلكم على بلادهم وأموالهم ، فاما أن تقرونهم على ما أقره ، وتجرونهم على ما اجراهم من الهدنة بينهم وبينكم ، وأما أن توصوهم وتوصلوهم بأموالهم إلى بلاد السلمين ليبلغوا مأمنهم ، فإن لم يقدروا على التوجه واختاروا الإقامة ، وجرى على أحد منهم أذي قتلت من كان تحت يدي من أسارى الفرنج ، ومن كان في بلادي من تجارهم ، وقتلت ما اشتملت عليه مملكي من طوايف النصارى ، فلما تحققوا ذلك اجمع رأيهم على الإبقاء عليهم على عادتهم .

ومن هيبته التي سارت أمثالها في الآفاق ، وتحدثت بعظمها ألسنة الرفاق ، أن ملوك الهند وغيرهم من الملوك الكبار ، أصحاب الأقاليم والأمصار ، رغبوا في مودته ، وطلبوا الانتماء إلى خدمته ، مثل زعماء العجم ، وملوك بني الأصفر ، كالفنش والأنبرور ، وغيرهم من أكابر ملوكهم ، بحيث أنهم ابتدأوه بالرسل والرسائل ، وبذلوا الطاعة في مصافاته بتكرار الوسائل .

مخ ۳۰۸