ومن اتفاقاته العجيبة أنه لما نزل على قلعة الشقيف يريد حصارها ، ورد عليه قوم مسلمون من عكا ومعهم كتب من أهل عكا إلى من بالشقيف من النواب ، وكانتالكتب آوراقا مقصوصة عوض الكتابة بالخط الفرنجي ، فترجمت فكان مضمونها : << لا يهولنكم نزول هذا العدو عليكم ، وقاتلوه آشد قتال ، وإن احتجتم إلى شيء تصرفونه فيما يعينكم عليه فخذوا من فلان " ، وسموا لهم رجلا ، وذكروا أمورا باطنة تؤكد وصاياهم لهم . وكان بالشقيف رجل قد صادروه فأوصوهم في الكتب بتطييب قلبه وإعادة ما كان أخذ منه خوفأ من مخامرته ، فلما وقف مولانا السلطان على ما في الكتب من الأسرار ، أمر أن يكتب مثلها وأن يزاد فيها : "وإن أنتم رأيتم من أنفسكمعجزا عن قتاله فسلموا الحصن إليه ، واجعلوا فيما تشترطون عليه سلامة أنفسكم وأولادكم وحريمكم " ، ثم بعث بها وزاد في مضايقة الحصن ، فلما وقفوا على الكتب وتيقنوا صحتها بما وجدوا فيها من العلامات التي لا يمكن أن يطلع عليها سواهم ، رأوا من الرأي أن يبعثوا إلى السلطان يطلبوا منه الأمان على الحريم والولدان عند علمهم باستظهاره عليهم وعجزهم عن حفظ الحصن ، فاجابهم إلى ذلك وتسلمه منهم .
مخ ۲۶۹