تاريخ مکې المشرفه والمسجد الحرام او المدينه الشريفه او القبر الشريف
تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف
پوهندوی
علاء إبراهيم، أيمن نصر
خپرندوی
دار الكتب العلمية
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
١٤٢٤هـ - ٢٠٠٤م
د خپرونکي ځای
بيروت / لبنان
وَجمع ابْن الزبير أَصْحَابه فتحصن بهم فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وحول الْكَعْبَة، فَضرب أَصْحَاب ابْن الزبير خيامًا يكتنون بهَا من حِجَارَة المنجنيق ويستظلون فِيهَا من الشَّمْس، وَكَانَ الْحصين بن نمير قد نصب المنجنيق على أخشبي مَكَّة وهما أَبُو قبيس والأحمر فَكَانَ يرميهم بهَا فتصيب الْحِجَارَة الْكَعْبَة حَتَّى تخرق كسوتها عَلَيْهَا، فَصَارَت كَأَنَّهَا جُيُوب النِّسَاء فوهّن الرَّمْي بالمنجنيق الْكَعْبَة، فَذهب رجل من أَصْحَاب ابْن الزبير يُوقد نَارا فِي بعض تِلْكَ الْخيام مِمَّا يَلِي الصَّفَا بَين الرُّكْن الْأسود والركن الْيَمَانِيّ، وَالْمَسْجِد يَوْمئِذٍ ضيق صَغِير، فطارت شرارة فِي الْخَيْمَة فاحترقت وَكَانَ فِي ذَلِك الْيَوْم ريَاح شَدِيدَة، والكعبة يَوْمئِذٍ مَبْنِيَّة بِنَاء قُرَيْش مدماك من سَاج ومدماك من حِجَارَة من أَسْفَلهَا إِلَى أَعْلَاهَا وَعَلَيْهَا الْكسْوَة، فطارت الرِّيَاح بلهب تِلْكَ النَّار فاحترقت كسْوَة الْكَعْبَة، وَاحْتَرَقَ الساج الَّذِي بَين الْبناء، وَكَانَ احتراقها يَوْم السبت لثلاث لَيَال خلون من شهر ربيع الأول قبل أَن يَأْتِي نعى يزِيد بن مُعَاوِيَة بِتِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا، وَجَاء نعيه فِي هِلَال شهر ربيع الآخر لَيْلَة الثُّلَاثَاء سنة أَربع وَسِتِّينَ، وَكَانَ توفّي لأَرْبَع عشرَة خلت من شهر ربيع الأول سنة أَربع وَسِتِّينَ، وَكَانَت خِلَافَته ثَلَاثَة سِنِين وَسَبْعَة أشهر، فَلَمَّا احترقت الْكَعْبَة وَاحْتَرَقَ الرُّكْن الْأسود وتصدع، كَانَ ابْن الزبير بعد ذَلِك ربطه بِالْفِضَّةِ وضعفت جدران الْكَعْبَة حَتَّى أَنَّهَا لتنقض من أَعْلَاهَا إِلَى أَسْفَلهَا وَيَقَع الْحمام عَلَيْهَا فيستأثر حجارتها وَهِي مُجَرّدَة موهنة من كل جَانب، فَفَزعَ لذَلِك أهل مَكَّة وَأهل الشَّام جَمِيعًا وَالْحصين بن نمير محاصر ابْن الزبير، فَأرْسل ابْن الزبير رجَالًا من أهل مَكَّة من قُرَيْش وَغَيرهم مِنْهُم عبد الله بن خَالِد بن أسيد وَرِجَال من بني أُميَّة إِلَى الْحصين فكلموه وعظموا عَلَيْهِ مَا أصَاب الْكَعْبَة وَقَالُوا: إِن ذَلِك مِنْكُم رميتموها بالنفط. فأنكروا ذَلِك وَقَالُوا: قد توفّي أَمِير الْمُؤمنِينَ فعلى مَاذَا تقَاتل؟ ارْجع إِلَى الشَّام حَتَّى تنظر مَاذَا يجمع عَلَيْهِ رأى صَاحبك يعنون مُعَاوِيَة بن يزِيد وَهل يجمع النَّاس عَلَيْهِ؟ فَلم يزَالُوا بِهِ حَتَّى لَان لَهُم وَرجع إِلَى الشَّام، فَلَمَّا أدبر جَيش الْحصين بن نمير وَكَانَ خُرُوجه من مَكَّة لخمس لَيَال خلون من شهر ربيع الآخر سنة أَربع وَسِتِّينَ، دَعَا ابْن الزبير وُجُوه النَّاس وأشرافهم فشاوروهم فِي هدم الْكَعْبَة، فَأَشَارَ عَلَيْهِم نَاس قَلِيلُونَ بهدمها وأبى كثير من النَّاس هدمها، وَكَانَ أَشَّدهم إباء عبد الله بن عَبَّاس قَالَ لَهُ: دعها على مَا أقرها رَسُول الله ﷺ فَإِنِّي أخْشَى أَن يَأْتِي بعْدك من يَهْدِمهَا، فَلَا تزَال
1 / 105