انْتهى. وَأما عير فَهُوَ الْجَبَل الْكَبِير الَّذِي من جِهَة قبْلَة الْمَدِينَة. وَاخْتلف فِي صيد حرم الْمَدِينَة وشجره ومذهبنا أَنه لَا يحرم، وَتقدم آخر الْبَاب التَّاسِع الْجَواب عَن حَدِيث سعد بن أبي وَقاص وَعَن قَوْله ﷺ: " إِن إِبْرَاهِيم حرم مَكَّة وَإِنِّي حرمت الْمَدِينَة ". وَعَن حَدِيث سعد بن أبي وَقاص أَن رَسُول الله ﷺ قَالَ: " إِنِّي أحرم مَا بَين لابتي الْمَدِينَة أَن يقطع عضاهها ". الحَدِيث. قَالَ التوربشتي فِي " شرح المصابيح ": وَكَانَ سعد وَزيد بن ثَابت يريان فِي ذَلِك الْجَزَاء. وَأجَاب عَن ذَلِك بِأَنَّهُ نسخ فَلم يشعرا بِهِ. قَالَ: وَإِنَّمَا ذهب للنسخ من ذهب للأحاديث الَّتِي تدل على خلاف ذَلِك، وَلِهَذَا لم يَأْخُذ بحديثهما أحد من فُقَهَاء الْأَمْصَار، وَسُئِلَ مَالك عَن النَّهْي فِي قطع سدر الْمَدِينَة فَقَالَ: إِنَّمَا نهى عَنهُ لِئَلَّا يتوحش وليتقي بِهِ شَجَرهَا فيستأنس بذلك من هَاجر إِلَيْهَا ويستظل بهَا. انْتهى. وَأجَاب أَيْضا عَن حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي ﷺ قَالَ: " اللَّهُمَّ إِن إِبْرَاهِيم حرم مَكَّة فَجَعلهَا حرما ". الحَدِيث. وَفِيه " لَا ينفر صيدها ". وَكَذَلِكَ فِي حَدِيث جَابر: " لَا يصاد صيدها ". قَالَ: والسبيل فِي ذَلِك أَن يحمل النَّهْي على مَا قَالَه مَالك وَغَيره من الْعلمَاء أَنه أحب أَن تكون الْمَدِينَة مأهولة مستأنسة، فَإِن صيدها وَإِن رأى تَحْرِيمه نفر يسير من الصَّحَابَة فَإِن الْجُمْهُور مِنْهُم لم ينكروا اصطياد الطُّيُور بِالْمَدِينَةِ، وَلم يبلغنَا فِيهِ عَن النَّبِي ﷺ نهى من طَرِيق يعْتَمد عَلَيْهِ، وَلَو كَانَ حَرَامًا لم يسكت عَنهُ فِي مَوضِع الْحَاجة، ثمَّ لم يبلغنَا عَن أحد من الصَّحَابَة أَنه رأى الْجَزَاء فِي صيد الْمَدِينَة، وَلم يذهب أَيْضا إِلَى ذَلِك أحد من فُقَهَاء الْأَمْصَار الَّذين يَدُور عَلَيْهِم علم الْفتيا فِي بِلَاد الْإِسْلَام انْتهى.