تاريخ مکې المشرفه والمسجد الحرام او المدينه الشريفه او القبر الشريف
تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف
ایډیټر
علاء إبراهيم، أيمن نصر
خپرندوی
دار الكتب العلمية
شمېره چاپونه
الثانية
د چاپ کال
١٤٢٤هـ - ٢٠٠٤م
د خپرونکي ځای
بيروت / لبنان
ذكر حُرْمَة الْمَدِينَة المشرفة
روى القَاضِي عِيَاض فِي " الشِّفَاء ": أَن مَالك بن أنس ﵁ كَانَ لَا يركب فِي الْمَدِينَة دَابَّة، وَكَانَ يَقُول: أستحيي من الله أَن أَطَأ تربة فِيهَا رَسُول الله ﷺ بحافر دَابَّتي. وَرُوِيَ أَنه وهب للشَّافِعِيّ ﵀ كُرَاعًا كثيرا كَانَ عِنْده فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِي: أمسك مِنْهَا دَابَّة فَأَجَابَهُ بِمثل هَذَا الْجَواب. وَكَانَ قد أفتى مَالك ﵀ فِيمَن قَالَ: تربة الْمَدِينَة رَدِيئَة. بِضَرْب ثَلَاثِينَ درة وَأمر بحبسه وَكَانَ لَهُ قدر، وَقَالَ: مَا أحوجه إِلَى ضرب عُنُقه تربة دفن فِيهَا رَسُول الله ﷺ يزْعم أَنَّهَا غير طيبَة. وَعَن الزُّهْرِيّ أَنه قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة رفع الله تَعَالَى الْكَعْبَة الْبَيْت الْحَرَام إِلَى الْبَيْت الْمُقَدّس فتمر بِقَبْر النَّبِي ﷺ بِالْمَدِينَةِ فَتَقول: السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته. فَيَقُول ﵇: " وَعَلَيْك السَّلَام يَا كعبة الله مَا حَال أمتِي؟ فَتَقول: يَا مُحَمَّد أما من وَفد إليّ من أمتك فَأَنا الْقَائِمَة بِشَأْنِهِ، وَأما من لم يفد إليّ من أمتك فَأَنت الْقَائِم بِشَأْنِهِ ". رَوَاهُ أَبُو سعيد الْموصِلِي فِي بَاب رفع الْكَعْبَة المشرفة إِلَى الْبَيْت الْمُقَدّس. فَانْظُر لسر زِيَارَة الْبَيْت الْحَرَام للنَّبِي ﵇ وَدخُول الْكَعْبَة المشرفة مَدِينَة خير الْأَنَام وَكفى بِهَذَا الشّرف تَعْظِيمًا. قَالَ الشَّيْخ عبد الله الْمرْجَانِي فِي " بهجة النُّفُوس والأسرار فِي تَارِيخ دَار هِجْرَة الْمُخْتَار ": لما جرى سَابق شرفها فِي الْقدَم أَخذ من تربَتهَا حِين خلق آدم فأوجد الموجد وجودهَا من بعد الْعَدَم. قَالَ أهل السّير: إِن الله تَعَالَى لما خمر طِينَة آدم ﵇ حِين أَرَادَ خلقه أَمر جِبْرِيل أَن يَأْتِيهِ بالقبضة الْبَيْضَاء الَّتِي هِيَ قلب الأَرْض وبهاؤها ونورها؛ ليخلق مِنْهَا مُحَمَّدًا ﷺ فهبط جِبْرِيل فِي مَلَائِكَة الفراديس المقربين وملائكة الصفح الْأَعْلَى، فَقبض قَبْضَة من مَوضِع قبر رَسُول الله ﷺ وَهِي يَوْمئِذٍ بَيْضَاء نقية، فعجنت بِمَاء التسنيم ورعرعت حَتَّى صَارَت كالدرة الْبَيْضَاء ثمَّ غمست فِي أَنهَار الْجنَّة كلهَا، وطيف بهَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض والبحار، فَعرفت الْمَلَائِكَة حِينَئِذٍ مُحَمَّدًا ﷺ وفضله قبل أَن تعرف آدم وفضله، ثمَّ عجنت بطينة آدم بعد ذَلِك، وَلَا يخلق ذَلِك الْجَسَد إِلَّا من أفضل بقاع الأَرْض. حَكَاهُ الثَّعْلَبِيّ. وَحكى أَبُو عبيد الجرهمي وَكَانَ كَبِير السن عَالما بأخبار الْأُمَم: أَن تبعا الْأَصْغَر وَهُوَ تبع بن حسان بن تبع سَار إِلَى يثرب فَنزل فِي سفح جبل أحد، وَذهب إِلَى الْيَهُود وَقتل مِنْهُم ثَلَاثمِائَة وَخمسين رجلا صبرا وَأَرَادَ إخرابها، فَقَامَ إِلَيْهِ حبر من الْيَهُود
1 / 232