وأضيفت الثَّنية إِلَى الْوَدَاع؛ لِأَنَّهَا مَوضِع التوديع، وَهُوَ اسْم قديم جاهلي، وَهَذِه الثَّنية خَارج الْمَدِينَة وَأَقْبل رَسُول الله ﷺ إِلَى الْمَدِينَة وَكَانَ مردفًا لأبي بكر وَأَبُو بكر شيخ يعرف وَالنَّبِيّ ﷺ شَاب لَا يعرف، فَيلقى الرجل أَبَا بكر فَيَقُول: يَا أَبَا بكر من هَذَا الرجل الَّذِي بَين يَديك؟ فَيَقُول: هَذَا الرجل الَّذِي يهديني السَّبِيل. فيحسب الحاسب أَنه يَعْنِي الطَّرِيق وَإِنَّمَا يَعْنِي سَبِيل الْخَيْر، وَقدم رَسُول الله ﷺ الْمَدِينَة حِين اشْتَدَّ الضُّحَى من يَوْم الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة خلت من ربيع الأول وَهُوَ الْأَصَح، وتلقى الْمُسلمُونَ رَسُول الله ﷺ بِظهْر الْحرَّة، فَعدل بهم ذَات الْيَمين حَتَّى نزل بهم فِي بني عمر بن عَوْف، فَقَامَ أَبُو بكر للنَّاس وَجلسَ رَسُول الله ﷺ صامتًا، وطفق من جَاءَ من الْأَنْصَار مِمَّن لم ير رَسُول الله ﷺ يحيي أَبَا بكر حَتَّى أَصَابَت الشَّمْس رَسُول الله ﷺ فَأقبل أَبُو بكر حَتَّى ظلل عَلَيْهِ بردائه، فَعرف النَّاس رَسُول الله ﷺ عِنْد ذَلِك، وَنزل رَسُول الله ﷺ على كُلْثُوم بن الْهدم، وَفِي هَذِه الْحرَّة قِطْعَة تسمى أَحْجَار الزَّيْت سميت بِهِ لسواد أحجارها؛ كَأَنَّهَا طليت بالزيت، وَهُوَ مَوضِع كَانَ يسْتَقرّ فِيهِ رَسُول الله ﷺ، وَبَعْضهمْ يَقُول: أَحْجَار الْبَيْت وَذَلِكَ خطأ. قَالَ الْبَراء بن عَازِب: أول من قدم علينا الْمَدِينَة مُصعب بن عُمَيْر وَابْن أم مَكْتُوم وَكَانَا يقرئان النَّاس، ثمَّ قدم عمار بن يَاسر وبلال ثمَّ عمر بن الْخطاب فِي عشْرين من أَصْحَاب النَّبِي ﷺ، ثمَّ قدم النَّبِي ﷺ فَمَا رَأَيْت أهل الْمَدِينَة فرحوا بِشَيْء فَرَحهمْ برَسُول الله ﷺ حَتَّى جعل الْإِمَاء يقلن: قدم رَسُول الله ﷺ. قَالَت عَائِشَة: لما قدم رَسُول الله ﷺ الْمَدِينَة وعك أَبُو بكر وبلال قَالَت: فَدخلت عَلَيْهِمَا فَقلت: يَا ابت كَيفَ تجدك؟ وَيَا بِلَال كَيفَ تجدك؟ قَالَت: فَكَانَ أَبُو بكر إِذا أَخَذته الْحمى يَقُول: