قيافتهم تتبع آثار الضال والهارب انسانا أو حيوانا ومتابعة خطواته مهما اختلطت بخطوات غيره ، وهو فن لم يبلغ حد الاتقان عند غيرهم إلى اليوم ولا يزال بيننا من ورثهم في هذا الفن ويثير الدهشة في أرقى مجتمع متحضر ومن فراستهم الاستدلال بهيئة الشخص وشكله وكلامه على أخلاقه وهو فن يدرس اليوم في الجامعات وربما قصر عن الشأو الذي بلغه في البادية قبل ألفي سنة.
ومن عنايتهم بالقيافة أنهم كانوا يكتشفون مواطن الماء ويعرفون مظانه باستدلالات خاصة لا يستعينون فيها بآلة ، وقد توصلوا بذلك الى مئات الآبار التي احتفروها في مكة يوم كانت مكة لا تجود بقطرة ماء كما احتفروا مثلها في سائر المواطن التي سكنوها من البادية وكانت مظنة لوجود الماء.
وعرفوا الكهانة والعرافة والعيافة (1) فكانوا يستدلون على الحوادث بالنجوم وكان الكاهن يمتاز بينهم بذكاء يعتمد فيه على القرائن ومقارنة الماضي بالحاضر ، وقد استطاع الكهان والعراف لفرط ذكائهم أن يضللوا عامة الناس ويستغلوا غفلتهم فحاربهم الاسلام وأنقذ الناس من براثن ذكائهم.
** الناحية الفنية :
ونقصد بها حياة الفن اللاهي ، فقد قيل «لم تكن أمة من الأمم بعد فارس والروم أولع بالملاهي والطرب من العرب (2) ولا نشك أن قريشا في مكة كانت وجه العرب البارز فلا بد أنها برزت في الغناء يساعدها على ذلك ثراؤها وأرباحها وانعدام الرباط المقدس الذي يحد من حريتها.
مخ ۶۰