ولكنها أسواق لا تبلغ مبلغ عكاظ في محافله الأدبية ومجالاته التي كانت تصطفق بمفاخرهم ومنافراتهم ومناقشاتهم ، ويذكر تقي الدين الفاسي في شفاء الغرام أن عكاظ ظلت قائمة الى أن كانت ثورة المختار في مكة عام 129 فتفرق الناس خائفين ثم تركوها الى اليوم وتركوا بعدها مجنة وذي المجاز واستغنوا عنها بأسواق مكة ومنى وعرفات.
** الناحية العلمية :
وليس غريبا أن تكون لهم حياة علمية فقد كانت لبيئتهم علوم ألموا بها وبرز بعضهم فيها تبريزا واضحا ترك أثره في معارف الأجيال الى حقبة طويلة من العصر الاسلامي.
كانوا يعنون بأنساب العرب وأخبارهم ويروون من أحاديث الأمم التي سبقتهم أو عاصرتهم أو احتكت بهم في تجارة أو جوار ، وظلموا يتناقلون ذلك في أسمارهم ومجاسهم حتى أصبحت معارفهم في ذلك مادة ثرثرة استطاع بعدهم كثير من المدونين أن يعتمدوا ما تناقل عنهم ويسجلوه كتاريخ معترف به.
وعنوا عناية خاصة بالنجوم ومواقعها وحركاتها وأتقنوا منازلها في البروج وكان الكلدانيون في عهدهم شبه متخصصين في فن النجوم فتفرغ بعضهم للاتصال بهم والأخذ عنهم حتى استقام لهم علم كامل كانوا يعتزون بمعارفه الواسعة.
وتوسعوا في فهم الأنواء والأمطار فكان لهم علم بالسحاب وأنواعه ومواقع المطر بالنسبة لوديانهم وعرفوا الرياح واتجاهات سيرها وسموا أنواعها بما يتفق مع حركاتها فمنها الصبا والدبور والصرصر والعاصف الى غير ذلك من أسماء لا يزال أصحاب الفراسة الى اليوم يطلقونها عليها تقليدا للعرب في جاهليتها.
مخ ۵۸