258

* النواحي العامة في عهد الايوبيين

** الحالة السياسية :

كان انتصار الأيوبيين في مصر والشام وقيام دولتهم على انقاض الفاطميين انتصارا للعباسية ونجاحا لقضيتها في هذا الجزء من بلاد العرب فقد كان صلاح الدين في مصر يميل الى ممالأة العباسيين وتقديس الخلافة فيهم ويسخر جيوشه في خدمتهم والدعاء لهم على منابر البلاد التي يحكمها لنفسه أو التي يمتد نفوذه اليها كالحرمين.

وليس من شك في أن أشراف مكة خسروا بسقوط الفاطميين حليفا كانوا يتفقون معه في أكثر المبادىء وإن كانوا يختلفون وإياه في بعض الغايات وانهم وجدوا أنفسهم بعد سقوطه في حاجة إلى مهادنة الأيوبيين وارضائهم بقبول الدعاء للعباسيين واشراكهم في ذلك على منبر مكة.

ويبدو أن العباسيين لم يقنعهم اختصار علاقاتهم بمكة على الدعاء لهم على منابرها وأنهم أرادوا أن يتوسعوا فيها فاستأنفوا ارسال ركبهم الذي انقطع عن الحج عدة سنوات وأرادوا أن يمدوا نفوسهم الى شؤون الحكم وأن يباشروا اقصاء من لا يرغبونه لامارة البلاد ليقربوا بعض بني عمومتهم ممن يختارون فشعر مكثر بن عيسى بالخطر المحدق وراح يبني ما يحصنه في مكة.

وقد حدث ما توقعه مكثر فنشبت الفتنة بين الركب العراقي على النحو الذي أسلفناه في حينه ولم ينتصر العباسيون لأن مكثرا وأخاه داود ظلا يتداولان الحكم بينهما نحوا من ثلاثين سنة ورغم عدم رضاء العباسيين وكانا يتمتعان بشؤونهما الداخلية الا أن ابن جبير يشير في رحلته إلى أن القضاء في عهد مكثر

مخ ۲۸۰