118

عبيد الله بن عمر العمري يقول : خرجت حاجا فرأيت امرأة جميلة تتكلم بكلام فيه رفث فأدنيت ناقتي منها ثم قلت لها : يا أمة الله ألست حاجة أما تخافين الله؟ فسفرت عن وجه يبهر الشمس حسنا ، ثم قالت : تأمل يا عمي فاني ممن عنى العرجى بقوله :

من اللائي لم يحججن بيغين حسبة

ولكن ليقتلن البريء المغفلا

قال : فقلت أسأل الله ألا يعذب هذا الوجه بالنار ، وقد بلغ ذلك سعيدا ابن المسيب فقال : أما والله لو كان من فقهاء أهل العراق لقال لها : اغربي قبحك الله ولكنه ظرف عباد الحجاز.

وكان كثير من النساء يخرجن سافرات الوجوه (1) ويطفن بالبيت في غير نقاب وقد أورد الأزرقي في أخبار مكة ما يشير الى ذلك ثم قال في حديث عن جده : إن عطاء كان يكره أن تطوف المرأة متنقبة وكذلك كان يرى ابن أبي مخارق ثم قال : وقد ظل عطاء على رأيه حتى ثبت له أن عائشة كانت تطوف متنقبة فأرخص في ذلك.

وتسامح المكيون في سماع الغناء حتى اقتنوا له الجواري من طبقات ممتازة فأدبوهن بآداب العربية وعلموهن صناعة الشعر وتركوهن يغنينه بما عرفن في بلادهن مصبوغا بصبغة الحجاز ، ويروى أبو الفرج أن أول من غنى بمكة من أهلها سعيد بن مسجح سمع غناء الفرس وألحان الروم وتعلم الضرب ثم ألقى ما استقبحه من النبرات خارجة عن غناء العرب وغنى على مذهب يجمع بين ما استحسنه من الأنغام وتبعه الناس فيما بعد (2).

مخ ۱۳۸