168

186...والحافظ محيى الدين الطبرى وغيرهم. وأما حديث ((لا تشد الرحال الا الى ثلاثة مساجد ... )) (1) فلا دلالة فيه على النهى عن الزيارة بل هو حجة في ذلك ومن جعله دليلا على حرمة الزيارة فقد أعظم الجرأة على الله تعالى ورسوله وفيه برهان قاطع على عبارة قائله وقصوه عن ذوق صافى العلم وقصوره عن نيل درجة كيفية الاستباط والاستدلال.

والحديث فيه دليل على استحباب الزيارة من وجهين: الأول: أن موضع قبره صلى الله عليه وسلم أفضل بقاع الأرض وهو صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق وأكرمهم على الله تعالى لأنه لم يقسم بحياة أحد غيره وأخذ الميثاق (ق 234) من الأنبياء بالايمان به وبنصره كما في قوله تعالى: (واذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه) (2) الآية وشرفه بفضله على سائر المرسلين وكرمه أن ختم به النبيين ورفع درجته في عليين.

فاذا تقرر أنه أفضل المخلوقين وأن تربته أفضل بقاع الأرض استحب شد الرحال اليه الى تربته بطريق الأولى.

الوجه الثانى: أنه استحب شد الرحال الى مسجد المدينة ولا يتصور من المؤمنين المخلصين انفكاك قصده عنه صلى الله عليه وسلم وكيف يتصور أن المؤمن المعظم قدر النبى صلى الله عليه وسلم يدخل مسجده ويشاهد حجرته ويتحقق أنه يسمع كلامه ثم بعد ذلك يسعه أن لا يقصد الحجرة والقبر ويسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا مما لا احتسبه على أحد وكذلك لو قصد زيارة قبره لم ينفك قصده عن قصد المسجد.

ومن الدليل عن الزيارة الأحاديث الكثيرة الصحيحة في فضل زيارة الاخوان في الله تعالى فزيارة (ق 235) النبى صلى الله عليه وسلم أولى وأولى.

...

مخ ۱۸۶