تاریخ جنون
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
ژانرونه
في العقود الأولى من القرن التاسع عشر، انتشرت طرق أخرى غريبة للتقييد، ولكنها سرعان ما انتهت. في شارنتون مثلا، كان هناك السرير-الصندوق المصنوع من سلال الصفصاف وكان يوضع فيه المريض المصاب بالهياج، ولا تظهر منه إلا رأسه ويغلق عليه، وكأنه تابوت. وفي الوقت نفسه، كانت هناك نسخة أفقية منه، يذكرها الطبيب البلجيكي جوزيف جيزلان وتسمى الخزانة-الساعة. ويذكر أيضا - في ألمانيا - حبلين؛ أحدهما مشدود أفقيا والآخر رأسيا، ويجعل المريض واقفا وذراعاه على هيئة صليب بين جدارين. بالطبع، نفضل الاعتقاد بأن «المرضى المضطربين أو المتمردين يعودون إلى حالة النظام بعد قضاء مدة من ثمان إلى اثنتي عشرة ساعة - على الأكثر - في هذا الوضع.»
51
في عصر الطب النفسي الرومانسي، كان يستخدم قناع من الحديد الأبيض له وعاء أسفل الذقن ليحتوي اللعاب الذي يسيل من المرضى البله في مصحة تيرلمون ببلجيكا عام 1842. «كان هناك مريض تعس يرتدي هذا القناع باستمرار منذ ستة أعوام.»
52
وكان هناك أيضا الكمامة؛ وهي قناع من الجلد الصلب يمنع فتح الفم، ويحول صراخ المرضى الهائجين إلى صمت أو همهمات غير مفهومة
53 (يذكرنا بقناع هانيبال ليكتر).
رأينا مدى النجاح الذي لاقاه في عهد النظام القديم كتاب الطبيب تيسو عن الاستمناء في القرن التاسع عشر، كان هذا هو هاجس أطباء الأمراض العقلية. فالعادة السرية، سواء مارسها الرجال أم النساء، كانت تبدو كأحد أسباب الجنون. وتتعدد سبل منعها وتتراوح من الدين والتعليم، وحتى الرياضة والألعاب البدنية، مرورا بحمامات المياه الباردة. إلا أنه بدأ التفكير في سبب عدم وجود نوع من القيود أو «جهاز جراحي ضد الاستمناء»؛ ومن ثم، صنعت أزياء ثقيلة مضادة للاستمناء للشباب والفتيات ، وأيضا تم اختراع فراش مخصوص ليقيد ذراع النائم أو النائمة في العقود الأولى من القرن التاسع عشر. «في تلك الحالة، كما في الآلاف غيرها، يبدو الطب انبعاثا إلهيا يأتي ليريح البشر ويمنعهم من السقوط في الهاوية.»
54
أما هؤلاء الذين يستمرون في هذا الطريق، فلا ينتظرهم إلا التعاسة! كسل ووهن وفقدان للذاكرة وهزال وانحراف الحواس والبله وانقباضات، وأخيرا الجنون: اكتئاب، صرع، خبل مع مؤشرات لما هو أسوأ. مثل هذا المريض بالاستمناء يكون ضحية لجفاف شديد، حتى إنه يمكن سماع صوت مخه يتخبط داخل جمجمته. «أما بالنسبة إلى النساء، فإنهن يسقطن ضحايا مخاوف تتعلق بالرحم تودي بحيائهن وعقلهن أيضا، وتنحدر بهن إلى مصاف الشهوانيات الشرهات حتى يأتي الموت البائس يخلصهن من الآلام والعار.» «إذا اقتضت الحاجة؛ أي في حالة وجود خطر بالموت الفوري»، يمكن اللجوء في النهاية إلى التكميم (نظام من الأحزمة والمشابك على الأعضاء الجنسية للفتيات أو الفتيان تجعل الانتصاب مستحيلا لدى الذكور) أو إلى الختان، وهو «عملية أقل إيلاما».
55
ناپیژندل شوی مخ