185

تاریخ اسلام

تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام

خپرندوی

المكتبة التوفيقية

حَدِيثُ يَوْمِ بُعَاثٍ:
قَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الْحُصَيْنِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ أَبُو الْحَيْسَرِ أَنَسُ بْنُ رَافِعٍ مَكَّةَ، وَمَعَهُ فِتْيَةٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، فِيهِمْ إِيَاسُ بْنُ مُعَاذٍ، يَلْتَمِسُونَ الْحِلْفَ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى قَوْمِهِمْ مِنَ الْخَزْرَجِ، سَمِعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأَتَاهُمْ فَقَالَ لَهُمْ: "هَلْ لَكُمْ إِلَى خَيْرٍ مِمَّا جِئْتُمْ لَهُ؟ " قَالُوا: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: "أَنَا رَسُولُ اللَّهِ بَعَثَنِي اللَّهُ إِلَى الْعِبَادِ"، ثُمَّ ذَكَرَ لَهُمُ الْإِسْلَامَ، وَتَلَا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ إِيَاسٌ، وَكَانَ غُلَامًا حَدَثًا: يَا قَوْمُ هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا جِئْتُمْ لَهُ، فَيَأْخُذُ أَبُو الْحَيْسَرِ حِفْنَةً مِنَ الْحَصْبَاءِ، فَيَضْرِبَ بِهَا وَجْهَ إِيَاسٍ، وَقَالَ: دَعْنَا مِنْكَ، فَلَعَمْرِي لَقَدْ جِئْنَا لِغَيْرِ هَذَا، فَسَكَتَ، وَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْهُمْ وَانْصَرَفُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَتْ وَقْعَةُ بُعَاثٍ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ إِيَاسُ بْنُ مُعَاذٍ أَنْ هَلَكَ. قَالَ مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ: فَأَخْبَرَنِي مَنْ حَضَرَهُ مِنْ قَوْمِي أَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا يَسْمَعُونَهُ يُهَلِّلُ اللَّهَ وَيُكَبِّرُهُ وَيَحْمَدُهُ وَيُسَبِّحُهُ حَتَّى مَاتَ، وَكَانُوا لَا يَشُكُّونَ أَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا. وَقَدْ كَانَ اسْتُشْعِرَ مِنْهُ الْإِسْلَامُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، حِينَ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَا سَمِعَ١.
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ يَوْمُ بُعَاثٍ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللَّهُ ﷿ لِرَسُولِهِ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ، وقد افترق ملؤهم وَقُتِلَتْ سَرَاتُهُمْ -يَعْنِي وَجُرِّحُوا- قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ في دخولهم في الإسلام٢. أخرجه البخاري.

١ إسناده ضعيف: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "١/ ٣٩١" والحصين قال في "التقريب": مقبول أي إذا توبع، وإلا فلين.
٢ صحيح: أخرجه البخاري "٣٧٧٧" في كتاب مناقب الأنصار، باب: رقم "١".
ذكر مبدأ خبرالأنصار وَالْعَقَبَةِ الْأُولَى:
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ: حدثنا هشام بن محمد الكلبيّ، حدثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَبِي عَبْسِ بْنِ جَبْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعَتْ قُرَيْشٌ قَائِلًا يَقُولُ فِي اللَّيْلِ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ:
فَإِنْ يُسْلِمِ السَّعْدَانِ يُصْبِحْ مُحَمَّدٌ ... بِمَكَّةَ لَا يَخْشَى خِلَافَ الْمُخَالِفِ
فَلَمَّا أَصْبَحُوا قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَنِ السَّعْدَانِ؟ سَعْدُ بْنُ بَكْرٍ، أَوْ سَعْدُ بْنُ تَمِيمٍ؟ فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ سَمِعُوا الْهَاتِفَ يَقُولُ:
أَيَا سَعْدُ سَعْدَ الْأَوْسِ كُنْ أَنْتَ نَاصِرًا ... وَيَا سَعْدُ سَعْدَ الْخَزْرَجَيْنِ الْغَطَارِفِ١
أَجِيبَا إِلَى دَاعِي الْهُدَى وَتَمَنَّيَا ... عَلَى اللَّهِ فِي الْفِرْدَوْسِ مُنْيَةَ عَارِفِ٢
فَإِنَّ ثَوَابَ اللَّهِ لِلطَّالِبِ الْهُدَى ... جِنَانٌ مِنَ الْفِرْدَوْسِ ذَاتُ رَفَارِفِ٣

١ الغطارف: جمع الغطريف، وهو السيد.
٢ المنية: الأمنية.
٣ الرفارف: جمع الرفرف، وهي الوسادة.

1 / 188