Rinck » وفيلبس.
ثم إنجيل برنابي وصاحبه يزعم أنه عاش في زمن يسوع، وكان مخالطا له ولأمه، وهو يذكر أنه لم يكن إلا نبيا من الأنبياء، وأن الصلب إنما وقع على يهوذا الإسخريوطي لشدة شبهه بعيسى، وأن عيسى رجع إلى أمه وتلاميذه ولم يصلب، وهذا الكتاب هو تأليف أحد المسلمين.
قلنا: إن الحكم بدون دليل لا يصح، فقول الدكتور بينيه سانغليه «إن هذا الكتاب تصنيف أحد المسلمين» بدون ذكر المسلم الذي صنفه، بل بمجرد الظن ليس بوارد، فالظن لا يغني من الحق شيئا، وكان عليه أن يأتي من الأدلة على هذا الزعم، فإن كان الدليل عنده على هذا هو نفي الصلب والقول أنه وقع على غير عيسى تشبيها له به، فليس المسلمون وحدهم قالوا بهذا، وهذه الرواية موجودة من زمن عيسى نفسه، حتى إن إميل لودفيج اليهودي الألماني المشهور بتأليف التراجم ذكر في آخر كتابه الذي ألفه لهذا العهد عن المسيح أنه لما سرق النصارى جثة عيسى من المغارة بعد الصلب جاء اليهود وشكوا إلى بيلاطوس النبطي سرقة جسد عيسى وقالوا له: كيف يمكن بدون التواطؤ مع الحكومة أن يتمكن النصارى من إخراج الجسد من المغارة؟! وشائع اليوم كثيرا أن عيسى لم يصلب، وأن الصلب إنما وقع على غيره. وقد استوفينا قضية الصلب هذه في حواشينا على «حاضر العالم الإسلامي» في عرض الكلام على كتاب «درمنجهم» الذي أراد التوفيق بين الإسلام والنصرانية، فمن شاء فليراجعها هناك. وقد نشر الأستاذ صاحب المنار - رحمه الله - مباحث في هذا الموضوع ورسالة سديدة لأحد الدكاترة المصريين.
وبديهي أن من الأناجيل المحفوظة بتمامها إنجيل مرقص وإنجيل يوحنا وإنجيل متى وإنجيل لوقا، وهي الأربعة التي يعول عليها النصارى.
ثم هناك كتاب يقال له «طولدوس يسوع» “Toldos Jeschou”
وهو مؤلف عبراني من القرن الثاني عثروا عليه في أواخر القرن الثالث عشر، ونشر سنة 1681، وفيه أكثر القصص المذكورة في الأناجيل، وفيه ذكر موت يعقوب أخي المسيح. ثم تلمود أورشليم وبابل، وفيه ذكر المسيح. ثم قصة المسيح وهو صغير بقلم توما الفيلسوف الإسرائيلي يذكر معجزات عيسى وهو محفوظ بكل اللغات السريانية واليونانية واللاتينية. ثم مكتوب يسوع النازل من السماء ذكره ليسنيانوس أسقف قرطاجنة في القرن الرابع للمسيح. ثم تاريخ يوسف النجار كتب في مصر في القرن الثاني وهو بالقبطية. ثم قصة مولد مريم وهي ثلاثة أقسام؛ اثنان منها كتبا في القرن الثاني والثالث في القرن السادس. وفي هذا الكتاب مذكور ولادة مريم ومنشؤها في الهيكل، وزواجها وحملها بيسوع، وغضب يوسف النجار عندما علم أنها حامل، وهذا الكتاب محرر باليونانية. ثم كتاب ولادة مريم وطفولية عيسى لمؤلف مجهول اسمه متى، ويظهر أنه من القرن السادس، وفيه قصص وردت في كتاب ولادة مريم، وفي كتاب توما الفيلسوف الإسرائيلي مع زيادات وهو محرر باللاتيني. ومثله كتاب عن ولادة مريم أيضا كتب في القرن الخامس باللغة اللاتينية. ثم مكاتيب السيدة مريم إلى أهالي مستينس وفلورنسا، وجواب السيدة مريم إلى أغناطوس، وهذه المكاتيب ظهرت سنة 1495 في خاتمة تاريخ «توما دوكانتربوري» “Thomas de Cantorbery”
ثم كتاب عن مريم أيضا جاء ذكره في منشور البابا جيلاسيوس وهو منسوب إلى يوحانان بن زبده. وقد وصل إلى الناس هذا الكتاب بالعربية. وكتاب آخر يتعلق بمريم تأليف ميلتون مطران السارد تاريخه القرن الثاني. ثم رسالة للقديس يوحانان اللاهوتي على قيامة مريم من بين الأموات مظنون أنه كتب في القرن الثاني عشر، ثم الإنجيل المسمى بإنجيل الحداثة كتبه أحد النساطرة الذين ينكرون وجود المطهر، ولا يقولون بعزوبة القسيسين، وقد وصل إلى الناس باللغة العربية، ولعله مترجم عن السرياني ثم الرسائل المنسوبة إلى يعقوب بن يوسف، وإلى يهوذا بن يوسف أخوي عيسى. ثم أعمال الرسل تأليف لوقا، ثم تاريخ الكنيسة لأوزيبيوس (260-340)، فجميع هذه الكتب ما عدا الأناجيل الأربعة عدت أحاديث خرافة وحرمتها الكنيسة، واضطر الذين بأيديهم منها شيء أن يخفوه. وبرغم هذا فقد كانت من القرن الخامس إلى القرن السدس عشر منتشرة جدا، وربما كانت هي السبب في انتشار العقيدة المتعلقة بمريم حتى انتهى الأمر بأن عبدوها. فأما الأناجيل الأربعة فقد تقررت صحتها في المجمع اللاوديقي في أيام البابا سلفستر الأول (270-337) وفي مجمع قرطاجنة المنعقد سنة 397 وقد ثبت ذلك البابا جيلاسيوس الأول سنة 494، وأقدم هذه الأناجيل الأربعة إنجيل مرقص، وهو رأي «فيلكه
Wilke » و«فابس
Weiss » وأرنست رينان وجول سوري وألبير ريفيل وإدمون ستايفر، وليس في هذا الإنجيل زيادة ولا نقصان، وليست فيه النسبة الداودية ولا أعجوبة الحمل ولا ميلاد المسيح ولا صعوده، وإنشاؤه ساذج، ولذلك فقيمته التاريخية عظيمة، ويأتي بعده إنجيل متى وقد كتب بالعبرية، وترجم إلى اليونانية، وكاتبه يروي روايات غير مضبوطة، فيها كثير من التعسف، ويزيد وينقص، ويحرف ويبدل، ويضع في يوم واحد حوادث وقعت في يومين مختلفين، ولا يتنبه إلى أنه قد روى القصة مرتين، ويحاول أن يعلل كيف أن يسوع الذي كان أكبر من يوحنا المعمدان جاء يطلب من يوحنا أن يعمده، وفي المحل الذي يذكر مرقص مريضا واحدا نال الشفاء على يد عيسى يذكر هو مريضين، وفي المحل الذي يقول مرقص فيه لفظه «كثير» يقول متى «الجميع» والفتاة النائمة يقول عنها إنها ميتة، وقد ورد في إنجيل مرقص: «لماذا تدعونى صالحا ما من صالح غير الله.» فمتى يبدل ذلك قائلا عن لسان المسيح: «لماذا تسألوني عما هو صالح لا يوجد إلا صالح واحد.» ومحل «طوبى للفقراء» يقول «طوبى للفقراء بالعقل» ومحل «الجياع» يقول «الجياع إلى العدل» ثم إن متى يحذف الجملة التي وردت في إنجيل مرقص من أن أقارب يسوع ظنوا به جنة، ومتى يتعب كثيرا لإثبات أن عيسى ولد في بيت لحم وأن جميع النبوات المتعلقة بالمسيح قد تمت به، وهكذا يؤول ما جاء في العهد العتيق متعلقا بحوادث لا صلة بينها وبين المسيح، وهو يحذف ما جاء في إنجيل مرقص من زيارة النساء لقبر المسيح وكونهن لم يكن منتظرات قيامه من بين الأموات. ثم إنه يذكر التوراة إحدى عشرة مرة، وفى نقله عنها يخلط خلطا كبيرا، إما في النص أو في اسم القائل، إلى غير ذلك من التحريف والتبديل وفيه كثير من الخرافات. فأنت ترى أن مؤلف هذا الكتاب الذي لا يوجد أوسع منه في هذا الباب يطري في الصدق إنجيل مرقص، ويبالغ في انتقاد إنجيل متى. والحال أنه منذ ثلاث سنوات ظهر كتاب عنوانه «لأجل فهم حياة يسوع» تأليف الأستاذ «بروسبير الفاريك
prospere Alfaric » المدرس بجامعة استراسبورغ ذهب فيه الأستاذ المذكور مذهب من يرى أن أكثر ما ورد في إنجيل مرقص مطبق عمدا على نبوءات سبقت في العهد القديم، سواء كانت الحوادث المروية صحيحة أو غير صحيحة، وهذا من قبيل الدعاية لا التاريخ. وقد اجتهد هذا المؤلف أن يثبت كل ما هناك من التناقضات تارة، ومن الأخبار المخالفة للطبيعة طورا، مثل أن الدنيا كلها أظلمت من الساعة السادسة إلى الساعة التاسعة أثناء احتضار السيد المسيح على الصليب، وأنه انشق حجاب الهيكل وغير ذلك من القصص، وكذلك ظهر كتاب جديد اسمه حياة يسوع للمسيو «مورليس غوغويل
ناپیژندل شوی مخ