وفي سنة 652 ولى الملك المنصور شمس الدين إبراهيم بن هبة الله البارزي قضاء حماة لفضله الشهير.
وفي سنة 657 قدم هولاكو بعساكره في العشر الأخير من ذي الحجة إلى حلب - وكان حاكمها توران شاه بن صلاح الدين - فخرج عسكر حلب لقتالهم فكانت الملحمة عند بانقوسا، فانكسر الحلبيون وتبعهم التتر يقتلون منهم، فازدحم الناس في أبواب المدينة فخنقوا بعضهم لشدة الزحام فلم يسلم إلا من سلمه الله.
وملك هولاكو حلب وطار الخبر إلى دمشق فهيئت الجنود للحرب، وبرز الناصر ملك دمشق إلى برزة بعساكره لاستقبال حرب هولاكو، ووقع الرعب في قلوب سكان البلاد الشامية، فرحل الملك المنصور ملك حماة إلى برزة ولم يبق في حماة غير النواب، فلما بلغ سكان حماة ما فعل التتر بحلب أرسلوا الطواشي مرشدا إلى ملكهم المنصور وهو في برزة يستشيرونه ما يصنعون، ثم أجمعوا على التسليم، فسار الوجهاء إلى حلب ودخلوا على هولاكو وسلموه مفاتيح البلد وطلبوا منه الأمان فأمنهم، وأرسل معهم عاملا من قبله اسمه خسروشاه فتولى شؤون حماة وأمن الرعية وتسلم القلعة.
وحينما بلغ خبر مسير هولاكو إلى دمشق فر ملكها وملك حماة معه إلى مصر خوفا ورعبا، أما ملك حمص - وهو الأشرف موسى بن إبراهيم بن شيركوه - فإنه قصد هولاكو طالبا الأمان فأمنه، ثم انهالت عساكره في البلاد الشامية تقتل وتنهب وتفتك، وقد عملت أعمالا لم يسمع مثلها عن بختنصر في بيت المقدس.
ثم قفل هولاكو راجعا إلى جهة الشرق وأذن لصاحب حمص بالعودة لبلاده وأمره أن ينزل في حماة فيخرب أسوار قلعتها، فقدم الأشرف ملك حمص إلى حماة ونزل في دار المبارز،
13
ثم هدم أسوار القلعة وحرق ما فيها من الذخائر وعدة الحرب، وباع الكتب التي كانت في دار السلطنة بثمن بخس جدا، ثم قصد تخريب أسوار المدينة فعظم الأمر على الحمويين، فبادر محافظها المسمى إبراهيم بن الإفرنجية بالرشوة إلى عامل هولاكو خسروشاه لأجل أن لا يهدمها - خيفة من أن يرحل أهلها عنها لأنه إذا هدم أسوارها طمع فيها الفرنج - فأخذ الرشوة منه ومنع ملك حمص عن هدمها.
وقد خربت التتر أيضا جميع القلاع كقلعة حلب ودمشق، وأمر هولاكو أيضا صاحب حمص - المذكور - أن يخرب قلعة حمص فامتثل أمره وخرب من أسوارها جانبا وترك البقية لأنها مقر ملكه وذلك سنة 658.
ثم إن الملك المظفر قطز ملك مصر سار بجيوش المسلمين من مصر وبصحبته ملك حماة وأخوه الأفضل في أوائل رمضان من هذه السنة لمحاربة التتر، فلما بلغ كتبغا نائب هولاكو على دمشق الخبر، جمع التتر وخرج للقاء الجموع الإسلامية وفي صحبته ملك حمص وغيره من الملوك الذين اتفقوا مع التتر، فكان الحرب في مكان يسمى الغور وثبت المسلمون، وهرب التتر فتبعهم المسلمون يقتلون وينهبون، وقتل في هذه الواقعة كتبغا وأسر ابنه، وتعلق التتر في رءوس الجبال فتبعهم المسلمون وأفنوهم عن آخرهم قتلا وتشريدا. وحينئذ طلب الأشرف ملك حمص الأمان فأمنه المظفر قطز وأقره على حمص وتوابعها، وأمر بضرب عنق الذين ظهر منهم الفسق وحب سفك الدماء. ثم أحسن المظفر قطز إلى ملك حماة وأقره على ملكه وتوابعه - وهي بعرين والمعرة - فتوجه المنصور ملك حماة إلى بلده هو ونائبه مبارز الدين أقوش فقبض على أشخاص كانوا عونا للتتر على مآربهم وسجنهم، فهرب خسرو شاه عامل هولاكو على حماة إلى الشرق.
وبعد قدوم المنصور لحماة عمل شيخ الشيوخ عبد العزيز الأنصاري قصيدة يهنئه بها، منها:
ناپیژندل شوی مخ