ثم سار منها إلى سلمية، وأرسل عسكرا نازلوا حماة، وكان قائد عسكره شيركوه صاحب حمص، فاستولى الجبن على الناصر صاحب حماة - الملقب قليج أرسلان - فأرسل إلى شيركوه: إني أريد أن أحضر عندك في الليل لتحضرني بين يدي الكامل. ثم خرج إليه في العشر الأخير من رمضان، فسار به إلى الكامل، فحين رآه شتمه وأمر باعتقاله، وأمره أن يكتب لنوابه بحماة بتسليمها، فكتب إليهم أن يسلموها. وكان من جملة النواب الطواشي بشر والطواشي مرشد فامتنعا، وأنزلا من القلعة الملك المعز أخا الملك الناصر - المذكور - فملكاه حماة، وكتب أعيانها للكامل أنهم لا يسلمونها إلا لأحد ذرية تقي الدين عمر - المتقدم ذكره - فأرسل الملك الكامل يقول للمظفر: اتفق مع غلمان أبيك. وكان المظفر محاصرا لحماة مع عسكر الكامل، فراسل الحكام فاتفقوا معه أن يفتحوا له باب النصر وقت السحر، فحضر في الوقت المعين ففتحوه له فدخل وسار إلى دار الوزير المعروفة بدار الإكرام
9
في باب المغار،
10
وفي الصباح حضر الحمويون يهنئونه بالملك، وكانت مدة أخيه الناصر تسع سنين إلا شهرين. ثم بعد يومين صعد المظفر إلى القلعة وتسلمها وعمره إذ ذاك 27 سنة، وسلم أمور المدينة وتدبير شئونها للأمير سيف الدين علي الهدباني. ولما استقر المظفر في حماة انتزع الملك الكامل منه سلمية وسلمها إلى شيركوه ملك حمص، وانتزع بعرين وسلمها للناصر ملك حماة السابق فلم يبق لحماة توابع سوى المعرة.
وقد هنأ شيخ الشيوخ شرف الدين عبد العزيز محمد بن عبد المحسن الأنصاري الملك المظفر بقصيدة منها:
تناهى إليك الملك واشتد كاهله
وحل بك الراجي فحطت رواحله
ترحلت عن مصر فأمحل ربعها
ولما حللت الشام روض ماحله
ناپیژندل شوی مخ