تاریخ غزوات العرب په فرانسه، سویس، ایتالیا او د مدیترانې سمندرګیو کې
تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط
ژانرونه
Oc
التي كان يتكلم بها أهالي جنوبي فرنسة وكتلونية، إذ هناك أقام العرب طويلا، وقد دخل في اللغة الإفرنسية كلمات كثيرة من العربية لا مراء فيها، وهذا الاختلاط في اللغات لم يقع بخاصة أيام وجود العرب بفرنسة، بل قد وقع أكثره بعد جلائهم عنها؛ لأن العلاقات التجارية لم تنقطع بين العرب والفرنسيس في يوم من الأيام، وبالإجمال فتأثير العرب في فرنسة كان أقل مما يتوهم الناس، وإن ما أجروه فيها من العيث والتدمير ليتضاءل في جانب ما خربه النورمانديون والمجار، بل نقدر أن نقول: إنه بقيت للعرب مكانة عظيمة في نفوس الناس، حتى أصبحت لفظة سرازين ولفظة روماني كأنهما واحدة، وحتى تعود العامة أن ينسبوا إلى السرازين أي العرب كل ما يرونه كبارا أو جبارا.
ومن الغريب أنه لم يبق من غارات النورمنديين والمجار إلا تذكارات في بطون التواريخ، والحال أن تذكار غزو العرب لفرنسة لا يزال في جميع الأذهان كأنه حديث العهد، وقد وقعت غزوات العرب قبل غزوات النورمنديين والمجار، واستمر وجودهم في البلاد إلى ما بعد جلاء المجار واندماج النورمنديين في مجموع الأمة، إلا أن غزوات العرب الأولى كان فيها من العظمة والأبهة ما لا يمكن أن يقرأه الإنسان إلا وتعروه الدهشة والحيرة، وكان العرب يمتازون عن النورمنديين والمجار بكونهم أمة بقيت مدة طويلة تسير على رأس المدنية العامة، وأنهم بعد جلائهم عن فرنسة لم تزل تحت الرعدة من احتمال غاراتهم، ثم إن الحروب العظيمة التي تولوا كبرها، سواء في الأندلس أو في إفريقية أو في آسية في وجه الصليبيين، قد أضافت إلى اسمهم لمعانا جديدا فوق اللمعان الذي كان من قبل، وكل هذا لم يكن كافيا في تفسير مكانة العرب المكينة في الصدور لولا قصص الفرسان والفروسية التي كان يتغنى بها أهل فرنسة وجوارها، خلفا عن سلف، فقد كانت هذه القصص تكاد تكون الأسمار الوحيدة للأمراء والنبلاء، بل الأسمار الوحيدة لعامة الشعب، وإنما كان يعجب بتلك القصص وهاتيك الأخبار من سير الأبطال كل من كان يدعى نفسا عالية وحسا نجيبا، وقد تضاءل كل تاريخ بجانبها وهزل كل أدب ما عداها، وكان أكثرها شعرا ولهذا الشعر رواة اختصوا به، يذهبون من بلدة إلى بلدة ومن قرية إلى قرية، فينشدونها الجماهير التي تترنح لها أعطافهم، وكان لا يحتفل بعيد ولا بموسم إلا اندفع أولئك الرواة في إنشاد تلك القصائد عن سير أبطال الوطن، وكانت أكثر هذه السير تدور على حروب المسلمين، وعلى ما جالده صناديد الفرنسيس في دفع غاراتهم، ولما كان في هذه القصص وتلك القصائد من المبالغة ما هو جدير بكل القصاص الذين يترنمون بوقائع الأبطال، كانت الواقعة الواحدة تتجسم وتنمو وتصبح أضعاف ما هي تجسيما لفضل أولئك الذين تولوا كبر تلك الوقائع، حتى صار في تاريخ كل مدينة وكل بلدة من فرنسة وإيطالية أمير عربي أو بطل عربي يبارزه أمير إفرنسي أو بطل إفرنسي وبعد أن يشتد البراز ويطول العراك وتظهر فيه خوارق الأقدار، ينتهي بالبداهة بتغلب البطل الفرنسي على البطل العربي.
وبالجملة فقد كان العرب لذلك العهد، هم الأمثلة العليا والأقيسة البعيدة، في الشجاعة والشهامة وعزة النفس ومكارم الأخلاق والعفو عند المقدرة وقرى الضيف، تشهد بذلك وقائع ونوادر كثيرة، منها ما رواه بعض مؤرخي الإسبانيول من أنه في سنة 890 أراد ملك أشتورية، أذفونش الكبير، أن ينتدب مؤدبا لابنه وولي عهده فاستدعى اثنين من مسلمي قرطبة، حرصا على تهذيبه؛ إذ لم يجد في المسيحيين إذ ذاك كفؤا لهذه المهمة.
ومن الغريب أنه في قصة من قصص الفروسية المتعلقة بشارلمان الكبير يروون أنه في صغره ذهب واقتبس من أنوار العرب، وأنه من تأثير ذلك تمكن من إدارة تلك السلطنة العظيمة التي جدد بها مجد العالم الغربي، وقد بقيت هذه الأقاصيص هي المعول عليها في الأندية والمجامع، وهي الفكاهة المستطرفة في المواسم والمحافل إلى عهد غير بعيد، ولم يدخل التمحيص التاريخي عندنا إلا منذ مائة وخمسين سنة؛ إذ أخذ الناس ينبذون ما هو من عمل الخيال إلى ما هو من لباب الوقائع الراهنة.
وختام القول: إنه لو نشر موسى بن نصير وطارق بن زياد وعبد الرحمن الناصر والمنصور بن أبي عامر، ورأوا ما هي عليه الحالة في زماننا هذا، لوجدوا اختلافا كثيرا في بيئتي المسيحيين والمسلمين، عما كانتا عليه في الأعصر السالفة. ولكن مما لا شك فيه أنهم بعد الوهلة الأولى كانوا يبتهجون بالمكانة العليا التي جعلها القصاص والزجالون من آبائنا لأعمالهم الكبيرة، وكانت نفوسهم المشغوفة بمعالي الأمور تقابل بمزيد الإكبار ذلك الشعور النبيل الذي كان يختلج عند من نسميهم البرابرة من آبائنا والذي لا يزال يتلاشى يوما فيوما.
انتهى كتاب رينو ببعض اختصار وتصرف.
هوامش
كتاب غارة العرب على سويسرة في أواسط القرن العاشر
تأليف الدكتور فرديناند كلر
ناپیژندل شوی مخ