والذي لا شك فيه ان آيات التشريع لا تفي بكل ما يحتاجه الانسان من احكام الوقائع والحوادث ، لا سيما وقد تجددت مع الزمن واتساع الحياة اشياء كثيرة. ومن اجل ذلك كانت الحوادث غير متناهية. على ان الآيات قد وضعت المباديء العامة في الغالب وتركت تحديد الموضوعات وماهياتها ، من حيث العموم والخصوص والاطلاق والتقييد ، والاجمال والتفصيل ، وغير ذلك مما لا بد من رعايته في مقام أخذ الحكم من الآيات التي وردت في مقام التشريع الى السنة.
لهذه الأسباب كانت الحاجة ماسة الى السنة ، لبيان ما أجملته آياته الكريمة ، وتوضيح مشكلاته ، وتحديد بعض الموضوعات التي تعلق الطلب بايجادها او تركها. وفي هذا يقول الله سبحانه في سورة النحل الآية 44 : ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون. )
فالسنة متممة للكتاب وكلاهما من مصدر واحد : «لا ينطق عن الهوى ان هو إلا وحي يوحى». والذي تعنيه هذه الكلمة أي كلمة السنة إذا وردت على لسان الفقهاء والمحدثين ، هو ما صدر عن المعصوم ، نبيا كان أو إماما ، من قول او فعل او تقرير فيما لو كان قوله او فعله او تقريره في مقام التشريع وبيان الواقع. ولم يخالف احد من الشيعة ، في ان السنة بمعناها المعروف بين الفقهاء والمحدثين ، اصل من أصول الأحكام. ووجوب العمل بما تقتضيه ، من غير فرق بين ما يؤخذ منها وما يؤخذ من كتاب الله. وتدل على ذلك الآية السابعة من سورة الحشر : ( ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ، ) والآية 64 من سورة النساء : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما. )
مخ ۲۲۸