اثنان أهل الأرض؛ ذو عقل بلا
دين وآخر دين لا عقل له
هنا يتجلى لك أن أبا العلاء كان كما يقول المتأخرون «ديئست» وهذا معتقدنا فيه؛ أي أنه كان جاحدا للأديان معتقدا بالله، فعنده أن أهل الأرض اثنان أولهما ذو عقل لا يسلم عقله بأن معلولا يمكن أن يوجد بلا علة، ولذا فهو يعتقد بالله؛ أي بعلة العلل وبارئ الأشياء، وآخر ذو دين يجمع بين المتناقضات - في رأي أبي العلاء - ولذا يكون بلا عقل. ثم عد إلى قوله:
دين وكفر وأنباء تقص وفر
قان ينص وتوراة وإنجيل
في كل جيل أباطيل يدان بها
فهل تفرد يوما بالهدى جيل
فالدين والكفر والنزاع فيهما والأنباء التي تقصها كتب التنزيل عن الأولين والفرقان والتوراة والإنجيل إنما هي في نظره أباطيل يدان بها، وأنه لم يتفرد جيل واحد من أجيال الإنسانية بالهدى الذي يراه أبو العلاء، وما هو ذلك الهدى؟ هو ترك التقاليد الدينية التي لم يقسها ولم يفندها عقل مستقل، ثم معرفة الله - سبحانه وتعالى - كل إنسان بقدر ما تحتمل عقليته، وإلا فلو اتبع جيل هدى جيل غيره لأصبح بمقتضى تنافر وجهات النظر من الأباطيل كما يقتضي تسلسل الفكرة عند أبي العلاء. ويقول:
إله قادر وعبيد سوء
وجبر في المذاهب واعتزال
ناپیژندل شوی مخ