٢٠ - تومازو كمبانيلا " ١٥٦٨ - ١٦٣٩ ":
أ- راهب آخر من الدومنيكان أثار الريبة ضده لانتقاضه على أرسطو بحجة استحالة التوفيق بين فلسفته وبين المسيحية واعتناقه آراء تليزيو الطبيعية، وميله إلى العلوم الخفية. وسئل في ذلك أمام مجلس التفتيش، فاستطاع الخروج بسلام من هذا الامتحان، غير أن فتنًا نشبت في كلابريا "مسقط رأسه" ضد الحكم الإسباني، وكان هو قد لفت إليه الأنظار بأفكاره الاشتراكية وإعلانه أنه استدل بالتنجيم على أن ثورات ستقع سنة ١٦٠٠، فاتهم بالائتمار بالدولة والمروق من الدين، وعذب عذابًا شديدًا، وظل سجينا بنابولي سبعًا وعشرين سنة، ولكنه كان في سجنه يقرأ ويكتب نثرًا وشعرًا، وكان نفر من أصدقائه يزورونه فيه، فيأخذون ما يكتب ويقدمونه للطبع. ثم أفرج عنه وأرسل إلى روما، فأخذه البابا تحت حمايته، ويسر له سبيل الفرار إلى فرنسا، فقضى فيها سنيه الأخيرة وحكومتها تجري عليه معاشًا.
ب- عرض آراء تليزيو في كتاب أسماه "دلالة الأشياء والسحر" دوّن سنة ١٦٠٤ ونشر سنة ١٦٢٠. يعرف فيه السحر بأنه فن استخدام قوى النجوم وتأثير الإرادة الإنسانية في الطبيعة، فهو من هذه الناحية بعيد كل البعد من العلم الحديث الذي كان يمثله معاصراه ديكارت وجليليو. وفي سنة ١٦٢٢ طبع له بفرانكفورت "دفاع عن جليليو" دعا فيه الكنيسة إلى ترك الحرية للبحث القائم على التجربة؛ لأن كتاب الطبيعة إذا درس درسًا عميقًا بان متفقًا مع الكتاب المقدس، وكان اعتقاده أن الكنيسة ترحب بالعلم الجديد، وأن برونو لم يحرق بسبب آرائه العلمية، ولكنه هو لم يكن يتصور التجربة مثل تصور جليليو. ولما صدر الحكم على جليليو أذعن له نزولًا على إيمانه، على أن أهم كتبه اثنان: الواحد "في الفلسفة العامة أو الميتافيزيقا" حرر القسم الأكبر منه في سجنه، ونشره سنة ١٦٣٨، وفيه يلتقي مع ديكارت في المنهج إلى حد غريب، ويقيم آراءه "أو آراء تليزيو" الطبيعية على أساس عقلي؛ والكتاب الآخر "مدينة الشمس" يعرض فيه أفكاره الاجتماعية ناحيًا منحى أفلاطون في "الجمهورية" وتوماس مور في "يوتوبيا".
ج- في الفلسفة العامة يعنى أولًا بمسألة المعرفة، ثم ينتقل إلى مسائل
1 / 37