ذكر كتاب جليليو مراعاة له. ومعنى قول الديوان: "ما لم يصحح" أنه يأذن بطبع الكتاب نظرًا لفائدته بشرط تصحيح المواضع التي يتحدث فيها المؤلف عن حركة الأرض ومكانها من العالم "لا كمجرد فرض بل كحقيقة" كما جاء في تفسيره لقراره بتاريخ ١٥ مايو ١٦٢٠.
ج- وفي ١٦١٨ ظهر نجم مذنب، فنشر جليليو "أو أحد تلاميذه فيما يقال" "مقالًا في المذنبات". فرد عليه أحد اليسوعيين من أساتذة المعهد الروماني فصنف جليليو كتابًا في شكل رسالة موجهة إلى أحد رجال الدين المعروفين، أسماه "المحاول" " ١٦٢٣ " أي: محاولة في المنهج التجريبي، وحمل فيه حملة عنيفة على الفلك القديم، فأخلف وعده مرتين. على أن البابا "أوربان الثامن" استقبله بروما في السنة التالية ست مرات، وشمله بعطف كثير. وبعد ثماني سنين " ١٦٣٢ " أذاع جليليو كتابه المشهور "حوار يناقش فيه أربعة أيام متوالية أهم نظريتين في العالم" يقتصر فيه ظاهرًا على سرد الحجج في جانب كل نظرية، وينم أسلوبه عن الجانب الذي يميل إليه. فعهد البابا إلى لجنة بفحص الكتاب، وأعلن ديوان التفتيش إلى جليليو بالمثول أمامه، فاعتذر باعتلال صحته، وبعد خمسة أشهر " ١٣ فبراير ١٦٣٣ " وصل إلى روما، فلم يحبس كما كان مألوفًا. ولما سئل أجاب أنه ما زال منذ قرار ديوان الفهرست يعتبر رأي بطليموس حقًّا لا يتطرق إليه الشك، وكرر هذا الجواب، فكان كاذبًا مرتين. فطلب إليه التوقيع على جوابه وصرف، وفي اليوم التالي قرئ عليه الحكم، فإذا بالحكم يعلن أن شبهة قوية قائمة على جليليو بالخروج على الدين لقوله بمذهب كاذب منافٍ للكتاب المقدس، ويطلب إليه أن ينكره، وأن يقسم بأن لا يقول أو يكتب شيئًا يمكن أن يستنتج منه هذا المذهب. فأنكر وأقسم وهو راكع على ركبتيه، ثم وقع بإمضائه على صيغة الإنكار والقسم. ويروى أنه بعد التوقيع ضرب الأرض برجله وقال: "ومع ذلك فهي تدور" ولكن هذه الرواية لم تذكر لأول مرة إلا سنة ١٧٦١، وهي إن صحت كانت شاهدًا ناطقًا بريائه أو كذبه مرة ثالثة.
د- وكان الحكم يقضي عليه بالحبس، ولكن البابا عين إقامته في قصر سفير توسكانا صديق جليليو. وبعد بضعة أيام تركه يذهب إلى مدينة سيين حيث نزل عند أحد الكرادلة من أصدقائه أيضًا. وبعد خمسة أشهر طلب الإذن
1 / 21