د نړیوال فلسفې تاريخ: د فیلسوف کارل یاسپرز وروستی لیکنه
تاريخ الفلسفة بنظرة عالمية: آخر نص كتبه الفيلسوف كارل ياسبرز
ژانرونه
أن ندعم يقظة العقل في صبر وإصرار إزاء الغرابة البالغة وفي مواجهة العجز والإخفاق (فالفلسفة لا تعطي، وكل ما تستطيعه هو أن توقظ، وتذكر، وتساعد على الضمان والإبقاء.
6
أما ما نستطيعه نحن ويتوجب علينا النهوض به فهو التعلم من «الموقظين الكبار» في كل العصور والحضارات، وإن كان ياسبرز نفسه قد حددهم في أربعة لم يسعفه الوقت لتناولهم في كتابه السابق الذكر عن الفلاسفة العظام، وهم: باسكال وليسينج وكيركجور ونيتشه).
أن تكون الفلسفة هي «بؤرة التركيز» التي تجعل الإنسان يصبح هو نفسه بمشاركته في الواقع مشاركة حرة.
ولما كانت الصياغة الواعية لحقيقة التفلسف وهدفه لا تكتمل أبدا في صورة نهائية يمكن الإجماع عليها (كما هو الشأن مع الحقائق العلمية التي تظل ملزمة للعقل وعامة الصدق ما لم تظهر حقائق أخرى تعدلها أو تنسخها) فلا بد لكل منا أن يضطلع بها مرة أخرى، وأن يعدها مهمة ومسئولية يتعين عليه أن يواجهها ويتحمل تبعاتها ما بقي إنسانا. ولا بد في كل الأزمان من النظر إلى الفلسفة بوصفها كلا حيا، ذا حضور دائم، يتحقق في تاريخها كله، وفي نصوص عظماء الفلاسفة التي يجب أن «نتحاور» معها و«نكابدها» و«نتواصل» معها تواصلا وجوديا حميما حتى توقظ الحقيقة الشاملة الكامنة فينا وفي كل ما يحيط بنا. ذلك بأن كل قول فلسفي يكون بطبيعته ناقصا إلى أبعد حد؛ لأنه يطالب من يسمعه بأن يعمل على إكماله من وجوده الخاص، كما أن الفلسفات جميعا تنطوي على فلسفة واحدة خالدة لا يملكها أي إنسان، وإنما اتجهت إليها الجهود الجادة في كل زمان، وفي الشرق والغرب على السواء. ولا غنى لنا عن إقامة جهدنا الفلسفي على هذا الأساس، ولا عن المشاركة في هذا المسرح التاريخي الذي يتقارب فيه أفذاذ الفلاسفة ويتباعدون، ويتخاصمون ويتنافسون، ويتناقشون ويتحاورون فيما يشبه أن يكون جمهورية حكماء تعلو وترتفع فوق التاريخ.
والأفكار الأساسية الموجهة للنص الذي نحن بصدده لا تخرج عن الأفكار السابقة وإن زادتها تفصيلا. وسوف نقتصر على عرضها بالقدر الذي يسمح لنا بمناقشتها في ضوء المناهج الجمالية والنقدية السابقة الذكر، راجين أن نوفق إلى تحليل النص من داخله بغير أن نفرض عليه شيئا من عندنا، أو نقسره على الدخول في قالب غريب عليه، أو نسلط عليه وجهة نظر أو حكما مسبقا يتعارض مع روحه العامة. (أ)
إن كل مفكر من مواطني «جمهورية العقل» أو «ملكوت الحكمة» هو قبل كل شيء فرد متفرد، وشخصية متميزة، لا تنوب عنها شخصية أخرى، ولا يستعاض عنه بفرد سواه، وتفكيره يعكس الأصول والمنابع التي نهل منها، لغة كانت أو أسطورة أو أدبا أو دينا أو فنا أو علما (بقدر ما تحث فروض العلم الأساسية أو حدوده النهائية على التفلسف)، كما ينعكس من ناحية أخرى عليها ويؤثر فيها، وكأن تاريخ الفلسفة (وربما استطعنا أن نضيف إليه تاريخ الأدب والفن والعلم بالمعنى الذي سبقت الإشارة إليه) هو تاريخ الحوار والتواصل بين أولئك المواطنين الأفراد وبيننا في إطار ما يمكن تسميته بالحقيقة الخالدة؛ وهي التي تظل خلال هذا التاريخ الكلي الشامل - أو العالمي - حقيقة معاصرة وحاضرة فيهم وفي كل من يعايش نصوصهم ويحاول القرب منهم ومن منابعهم الأصلية. (ب)
إن دراسة هذا التاريخ الكلي في تطوره عبر تجارب المفكرين هي محاولة «لتفهم» صراعهم مع الحقيقة من الباطن، بعيدا عن كل نزعة مسبقة إلى «المذهبة» أو «القولبة» أو «الأدلجة»، كما هي محاولة لإشراكنا في اكتشاف الحقيقة من ناحية، والتبصر بحقيقة وجودنا وذاتيتنا وعلونا بالتواصل الحميم معها من ناحية أخرى. (ج)
كل مؤرخ للفلسفة (ونستطيع أيضا أن نقول مؤقتا: وكل مؤرخ للأدب والفن) ينبغي أن يعرف نفسه معرفة واضحة، بجانب معرفة الكل الذي ينطلق منه، وما دامت الحقيقة الفلسفية ليست معرفة دقيقة وضرورية ملزمة للعقل، وإنما هي استيعاب باطني، ومحاولة تملك ذاتي أو شخصي خاص، فلا بد أن يتغير وجهها ويتحول شكلها من عمل فلسفي (وأدبي وفني ...) إلى آخر، ربما نسارع قائلين: إذن فلا شيء حق؛ إذ إن الحقيقة الفلسفية والفنية تتغير مع تغير الإنسان وتطوره وتبدل شروطه وأحواله، ولكننا بهذا لن نجد شيئا مؤكدا، وسنقع حتما في النسبية، ولن نعثر على الحقيقة في أي مكان، بيد أننا قد نكتشف أن المعرفة «الموضوعية» أو «المطلقة» موجودة بمعنى آخر على الدوام، وأن «الحقيقة» حاضرة في الشكل أو الثوب الذي تفرضه لحظتها التاريخية. ستكون مهمة المؤرخ والناقد في هذه الحالة هي «تفهم» كل شيء، والوعي بأن ما هو حق لا تقتصر حقيقته على عصر أو شخص معين، ولا تنحصر داخل حدود تاريخية ضيقة وعابرة؛ لأن «ما لا يصدق على كل العصور والأزمان بصورة مطلقة وشاملة فليس من الحق في شيء». (د)
يمكن أن تعبر الفلسفة عن نفسها في صورة نظام خاص مكتمل، يحمل الطابع الشخصي لصاحبه، ويدل على الأسلوب الأصيل للتحقق الفلسفي. وكل نظام من هذه الأنظمة يمثل نسقا أو مجموعا حيا متماسكا لا يمكن تخطيه؛ إذ يبقى قيمة متفردة نسيج وحدها؛ لأنها تكمن في صميم الكل وتعبر عن «الفلسفة الخالدة» تعبيرها عن الحقيقة الخالدة التي لا يستحوذ عليها أحد، ومع ذلك تظل «حاضرة» على الدوام ولا تتحدد - كما قلنا - بأي أسلوب أو منهج أو مذهب ولا تنغلق فيه؛ لأنها تظل كذلك واحدة متغلغلة في أعماق كل شيء. لقد تجلت في أشكال تاريخية متعددة، وكان كل شكل منها بالنسبة لصاحبه كليا وحقيقيا، ولم يزل كذلك بالنسبة إلينا، دون أن يلزم عن هذا نضطر أن نلتزم به أو نقيد وجودنا الخاص به، اللهم إلا بقدر ما يكشف عن «الشامل» أو «العالي» الذي نتطلع إليه جميعا، ويحاول كل منا أن يجربه تجربته الخاصة به، وأن يضيئه بعقله بقدر ما يستطيع. (ه)
ناپیژندل شوی مخ