د نړیوال فلسفې تاريخ: د فیلسوف کارل یاسپرز وروستی لیکنه
تاريخ الفلسفة بنظرة عالمية: آخر نص كتبه الفيلسوف كارل ياسبرز
ژانرونه
تتراكم أمامنا النصوص الوفيرة والمعارف المتواترة من التراث؛ فما معناها بالنسبة إلينا؟ وكيف تتسق فيما بينها؟ وعلى أي نحو تمثل كلا متكاملا؟ إن الإجابة عن هذه الأسئلة لتنبع من طريقة فهمنا لهذه النصوص والمعارف. فتصورنا للتراث المأثور وتفسيرنا له هو وحده الذي يجعله حاضرا أمام عقولنا.
والصعوبة التي تواجه أية محاولة لإعادة كتابة تاريخ الفلسفة تكمن في ضرورة الانفتاح على هذا التاريخ في مجموعه وتصوره تصورا كليا حتى يمكن أن يصبح موضوعا للتأمل. فليس هناك عرض نهائي وموضوعي، ولا توجد موسوعة معتمدة لتاريخ الفلسفة يمكنها أن تفي بطبيعة التجربة الفلسفية أو توضح ماهية التفكير الفلسفي. إن النصوص وحدها هي التي يمكن أن توصف بالموضوعية، وذلك بقدر ما تكون قد نقلت إلينا أو أعيد بناؤها بأمانة، وتعمق النصوص يبين لنا أن حجمها - في نطاق التاريخ العالمي للفلسفة - من الضخامة بحيث يصبح من المحال على إنسان واحد أن يعرفها جميعا معرفة دقيقة، كما يبين من ناحية أخرى أن النصوص الأصلية تحتمل تفسيرات لا نهاية لها.
إن كل العروض التي تزعم أنها تصنف المادة التاريخية وترتبها وتعممها وتؤلف بينها في إطار الموضوعية الخالصة إنما تنطبع في الواقع بأسلوب التفكير الفلسفي الخاص بأصحابها. وهي تختلط - دون أن يقصدوا إلى ذلك في معظم الأحوال - بالنزعات المدرسية المتزمتة، التي تغفل عما تنطوي عليه من تبريرات عقلية وتركيبات مصطنعة تتسم بالتوفيق والتلفيق. ويظل تصور هؤلاء المؤلفين مقيدا باستخلاص الدروس التعليمية، وتحليل ما بينها من علاقات عقلية، وما يترتب عليها من نتائج وتناقضات. كذلك يظل مضمون هذا التصور في نهاية المطاف أمرا غامضا من الناحية الوجودية.
ينبغي علينا إذن أن نسأل عن موقف مؤرخ الفلسفة ووجهة نظره لكي نتمكن من تقدير أهمية تصوره وحدوده، والكشف عن العوامل الذاتية التي تدخلت فيه. والواقع أن المؤرخ الجدير بهذا الاسم يتعين عليه أن يعرف نفسه معرفة واضحة. فكل وجهة نظر يتبناها عن وعي لا تعدو أن تكون زاوية واحدة من زوايا الرؤية التي تكون في مجموعها صورة شاملة لتاريخ الفلسفة. وهو في الحقيقة لا يريد أن تكون له وجهة نظر؛ لأنه يسعى إلى أن يفهم ابتداء من الكل، وأن يرجع بتفلسفه إلى الأصل في هذا الكل، مدفوعا بتاريخ الفلسفة بأسره، بل إنه ليتمنى - مهما تكن أمنيته بعيدة المنال - أن تهتدي جهوده في هذا السبيل بفكرة معرفة عامة بحصيلة الموروث الفلسفي الذي لا نهاية له، وطبيعي ألا يكون تصوره تصورا جامدا أو محدودا بوجهة نظر ثابتة؛ لأنه يصب في نهر التفلسف العام، ويشارك في مجراه الواحد، لكي يستطيع في هذه اللحظة أن يجربه في نفسه، انطلاقا من موقفه، واعتمادا على وسائله وإمكاناته، حتى تنبثق عنه في النهاية صورة خاصة به، أو بالأحرى صور كثيرة يلقي بعضها الضوء على بعضها، ويتفاعل بعضها مع بعضها في حركة مستمرة. وعلينا الآن أن نستوعب هذا التصور لتاريخ الفلسفة وننظر إليه عن قرب. (1) الفلسفة بمعناها الصحيح وتاريخ الفلسفة (فكرة الفلسفة الخالدة)
ترتبط الفلسفة بتاريخها بعلاقات متعددة: (1)
فقد يكون التاريخ سلسلة من الأخطاء التي تم تجاوزها، أو يكون هو التقدم الذي تحقق بتحصيل المعارف الدقيقة وتجميعها، بحيث تمثل اللحظة الحاضرة في هذا التقدم أقصى ذروة بلغها.
هكذا ترتسم أمامنا الصورة التالية لتاريخ الفلسفة: فليس ثمة غير حقيقة واحدة في ذاتها، صادقة في كل زمان، وهي ثابتة لا يمكن أن تتغير، متماثلة مع نفسها إلى أبد الآبدين، غير أن الإنسان يكتشفها على مدار الزمن خطوة فخطوة، وجزءا بعد جزء، بحيث تكون كشوفه حصيلة نهائية لا رجعة فيها. والمعنى الكامن في الحقيقة التي تم الكشف عنها لا يتوقف على العصر ولا على الحضارة، وهو لا يعتمد على المواقف والظروف التي أمكن العثور عليه في ظلها، فالحقيقة نفسها مستقلة عن الظروف التي خضع لها اكتشافها. كانت نظرية فيثاغورس صادقة قبل الكشف عنها، وسوف تظل صادقة إلى آخر الزمان. وفهم هذه النظرية يتطلب دراستها هي نفسها، لا دراسة تاريخ اكتشافها؛ إذ كان من الممكن اكتشافها قبل ذلك التاريخ أو بعده، وليس التاريخ إلا المجال الزمني الذي تم فيه التوصل إلى حقائق دقيقة تخطت كل زمان، حقائق عرفها الإنسان هنا وهناك، وظلت تنمو وتتطور على نحو متصل. والوجود التاريخي هو الشكل الخارجي الذي تتخذه رؤية الحقيقة وهي في سبيل تحققها، ربما يكون فهم التاريخ أمرا مهما ، ولكن التاريخ لا أهمية له بالنسبة إلى الحقيقة نفسها؛ لأنه لا يخبرنا إلا عن تتابع الاكتشافات بصورة عرضية أو محتملة، ونحن نتعلم من الماضي ما وفره لنا من معارف مكتسبة، ولكننا نفضل دائما أن يكون ذلك على هيئة عرض منهجي وموضوعي منظم، لا على هيئة الدراسة التاريخية، ونحن ندرس الكيمياء، أما تاريخ الكيمياء فلا ندرسه في أحسن الأحوال إلا على سبيل الهواية أو المتعة الشخصية، وقياسا على هذا يلزم دراسة الفلسفة من حيث هي مجموع الأنظار الفلسفية الراهنة. صحيح أن تاريخ الفلسفة يبين التطور الذي أدى إليها، ولكن هذا التطور يقتصر في الواقع على تتبع ظهور هذه الأنظار النهائية التي ثبتت صحتها، والتي كان من الضروري استخلاصها من سحب الأخطاء التي كانت تغلفها. لقد تقدمنا وتخطينا أفلاطون وكانط. ولنمثل لهذا الزعم بصورة متواضعة في ظاهرها: لقد كان المفكرون السابقون عمالقة بحق، أما أنا، وإن كنت مجرد عصفور، فإني أحط على رأس العملاق وأرى أبعد مما رآه.
إن هذا التصور سيقصر مهمة تاريخ الفلسفة على البحث عن شيء غريب عن موضوعه الحقيقي، وتفسير جوانبه العرضية تفسيرا نفسيا أو اجتماعيا، وتعرف الطبيعة الإنسانية التي أمكنها أن تقع في مثل هذه الأخطاء، أو تتوصل لمثل هذه الآراء في ظل ظروف معينة، بحيث يسهل تجنب العثرات في ضوء معرفتها.
بيد أن هذه الصورة التي قدمناها لتاريخ الفلسفة - على الرغم من صحة بعض تفصيلاتها - هي في مجموعها صورة خاطئة خطأ جذريا.
هناك فرق كبير بين تاريخ العلوم المتخصصة وتاريخ الفلسفة؛ فالواقع أن تاريخ الكيمياء أو تاريخ الرياضيات لا يبدو أنه جزء أساسي من دراسة تلك العلوم، على حين أن تاريخ الفلسفة يمثل منذ عهد طويل المجال الحقيقي لدراسة الفلسفة، حتى في تلك العصور التي بلغ فيها الإبداع الفلسفي غاية ازدهاره. ولما كانت الفلسفة مختلفة عن العلم، فإن ما يصدق على تاريخ العلوم - وإن لم يكن هذا بصفة مطلقة - لا يتحتم بالضرورة أن يصدق على تاريخ الفلسفة.
ناپیژندل شوی مخ