تاریخ فلسفه اسلام

محمد لطفي جمعه d. 1372 AH
190

تاریخ فلسفه اسلام

تاريخ فلاسفة الإسلام: دراسة شاملة عن حياتهم وأعمالهم ونقد تحليلي عن آرائهم الفلسفية

ژانرونه

ثم إن المسائل التي في الشرع الظاهر هي عين مسائل الصوفية، كالعدل والرضا والتوكل والتفويض والتفعيل وقدم المحدثات وتقدم الشواهد والتخلق بأخلاق الله عز وجل والانتقال من التجريد إلى التوحيد.

ثم انتبه أهل السنة إلى بعض ما ينتقد من أحوال الصوفية، كقولهم: «إن الخلة تمنع الرخص والإباحة بعد موت الشهوات، وتفضيل الغنى على الفقر، ثم الملامسة فالحلول.» فلما ظهر ذو النون المصري وابن أبي الحواري بمبادئهما مثل «المتعة» و«تقديس عين الجمع» و«سبحاني ...» لم يتردد أهل السنة في اضطهاد المتصوفين، فحكم على البسطامي والخراز والتستري بالنفي، أما الحلاج وابن عطاء فقد صلبا ومثل بهما.

وفيما يتعلق بالإمام الحلاج فنحيل القارئ المحب للاستيفاء إلى الكتاب العجيب الممتع الذي ألفه باللغة الفرنسية العلامة «لويز ماسنيون» في جزأين كبيرين باسم «تعذيب الحسين بن منصور الحلاج الشهيد الصوفي في الإسلام الذي نفذ فيه القصاص في بغداد في 26 مارس 922م» طبع باريس سنة 1922م؛ أي بعد استشهاد ذلك الإمام بألف سنة.

فلما حصل التنبيه الأول بتوقيع العقوبات من أهل السنة على بعض أهل التصوف، جاء السراج في كتاب «اللمع» ونبه المريد والسالك إلى ما لا يجوز أن يصرح به، كالفناء عن العبودية والبشرية والحلول بالأنوار والشواهد والمستحسنات، وأيده السلمي في كتاب «الغلطات» والغزالي في «الإحياء».

ولا شك في أن أهل السنة ذعروا من انتحال الصوفية بعض الأقوال التي يشكل فهمها على غير خواص القوم، كقول ابن طاهر المقدسي بأن الخدمة أفضل من العبادة، فإن هذا كله أدى إلى نظرية (الشاذ)، وفيها كلام يقوله الصوفيون ويكاد يكون غير مفهوم لسواهم، مثل أقوال الشبلي والحلاج، أما شاذيات الكيلاني والرفاعي وابن العربي فلا يدرك القارئ من معناها شيئا ما لم يكن أحد رجلين: الأول المفتوح عليه من الله، والثاني المتغلغل في أسرار القوم، وقد وصف بعضها العلامة محمد بن شاكر بن أحمد الكتبي بقوله: «الذي نفهمه من كلامه (يعني كلام الشيخ محيي الدين ابن العربي) حسن، والمشكل علينا نكل أمره إلى الله تعالى، وما كلفنا اتباعه ولا العمل بما قاله.»

ونحن نقسم المبهم من كلامهم إلى قسمين:

القسم الأول:

عبارة عما أطلقوه من الأسماء للأحوال والمقامات، واستعملوا للدلالة عليه ألفاظا لها عند غيرهم معان عادية، مثل «الفقه» و«النية» و«النفاق» و«الرضا» و«الفتوة»، واتخذوها للدلالة على درجات في طريق الوصول، وشرحها الهراوي بما فيه الكفاية في كتابه «منازل السائرين».

القسم الثاني:

ويدخل فيه نظرية «الشاذ» المذكورة آنفا، وهي ظاهرة نفسانية تجلت بكلام مبهم ينتقده أهل السنة وغير الراسخين، كقول بعضهم: «قدمي على رقاب الأولياء.»

ناپیژندل شوی مخ