كتابه في التاريخ الذي دعاه باسم "عيون التواريخ" والذي أرخ به للفترة الممتدة ما بين ٤٤٨ إلى ٤٧٩ هـ، وجعله بمثابة ذيل لتاريخ أبيه، ذكر الأسباب التي حدت به إلى تأليفه بقوله: "وبعد، فكان أبي وصىّ إليّ لما أحس بقدوم الوفاة، ويئس من أيام الحياة، ولمعت له لوامع المنية، وقرعت سمعه قوارع البلية، رغبة في زيادة الذكر ونمائه وانتشاره وبقائه، بصلة كتاب التاريخ الذي ألفه إلى آخر سنة سبع وأربعين وأربعمائة تأليفًا يعجز عنه من يروم مثله، ويفتضح فيه من يتعاطى فضله، إذ هو السحر الحلال، والعذب الزلال، والصادر عن أوحد دهره، وفريد عصره، وشرع فيه وقد أتت عليه سنة [ولد هلال سنة ٣٥٩ هـ]، جرب فيها الأمور ومارسها، وخبرها ولابسها، وأنا عار من جميع صفاته، وخال من سائر سماته.
وابن اللبون إذا ما لز في قرن ... لم يستطع صولة البزل القناعيس
لكن قوله مستمع، ومرسومه متبع، وأمره مطاع، ورأيه غير مضاع
وفي سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، وفي يوم الأربعاء سادس عشر رمضان توفي والدي، الرئيس أبو الحسن، هلال بن الحسن بن إبراهيم بن هلال، ومولده الأحد، النصف من شوال سنة تسع وخمسين وثلاثمائة، فانتقض السؤدد بمصابه، وانثلم الفضل بذهابه".
لسوء الحظ أن معظم مواد التراث التاريخي لأسرة آل الصابئ هي بحكم المفقود، ولقد أكثر سبط ابن الجوزي النقل من تواريخ كل من ثابت وهلال، وقام بإحدى نسخ كتابه مرآة الزمان بنقل جميع محتوياته كتاب غرس النعمة، وقد استخرجت هذا الكتاب من مخطوطتين في باريس واستانبول وحققته وسأدفعه للنشر قريبًا إن شاء الله تعالى ويسر.
هذا ووصلنا كتاب مخطوط صغير جاء بمثابة مختصر لتاريخ ثابت بن سنان، ضمنه مخْتَصِرُه أخبار القرامطة، ويتألف هذا الخطوط من إحدى
المقدمة / 11