ذكر نبذة من بداية حال السلجقية
قال-رحمه الله-1كانت السلجقية ذوي عدد وعدد، وأيد ويد، لا يدينون لأحد ولا يدنون من بلد، وميكائيل بن سلجق زعيمهم المبجل، وعظيمهم المفضل. وقد سكنوا من أعمال بخارى موضعا يقال له نور بخارى، وما زالوا في أنصر شيعة، وأنضر عيشة. وهم في الرعي يكلئون الكلأ، وفي الريع يملأون الملأ. لا يذعرهم ذاعر، ولا يردعهم داعر. والسلاطين يرعونهم للملمات ولا يروعونهم، ويدعونهم للمهمات ولا يدعونهم. حتى عبر السلطان يمين الدولة محمود بن سبكتكين إلى بخارى لمساعدة قدر خان فرأى مكيال فرغب في استرغابه، وانجذب إلى اجتذابه، وأراد أن يعبر إلى خراسان به وبأهله، وبكنف أكنافها الذي الحفظ والحفيظة بنبله ونبله. وامتنع ميكائيل عليه، ومال عنه ولم يمل إليه، فغاظ السلطان تمنعه، فقبضه واعتقله، وعبر به وبأصحابه إلى خراسان ونقله. وقال له أرسلان الحاجب إني أرى في أعين هؤلاء عين الهول، وإنهم لمعروفون بالجراءة والقوة والحول. والرأي عندي أن تقطع إبهام كل من تعبره منهم ليؤمن ضره، ولا يخاف شره. فما قبل خطابه في هذا الخطب، وقال له إنك لقاسي القلب.
فلما أقاموا بخراسان، تقربوا إلى عميدها أبي سهل أحمد بن الحسن الحمدوني، وأهدوا إليه ثلاثة أفراس ختلية، وسبعة أجمال بختية، وثلاثمائة رأس غنم تركية. وهداه إقبالهم إلى قبول الهدية. وكانوا سألوه أن يمرجهم في المروج، ويسد بمواشيهم مخارم تلك الفروج. فعين لهم مروج دندانقان ففروا بها وبما قاربها، وتحاماها عن عداهم وجانبها.
مخ ۱۸۴