قال: توفي أبوه داود ببلخ سنة 450، وقام مقامه. ولما خطب لأخيه سليمان بالري بعد وفاة طغرلبك، مضى أرسعن وأردم إلى قزوين، وخطب لألب أرسلان.
وبلغ عميد الملك ذلك، فأقام الخطبة بالري لألب أرسلان، وبعده لسليمان. وأقبل إقبال الضيغم الضاري. وأقدم إقدام الخضم الجاري. وكان ابن عم أبيه قتلمش بن إسرائيل في كردكوه، وقد طمع في الملك، ولم يعلم أن ذلك يورطه في الهلك. فعارضه في جموعه فتقابلا وتقاتلا، وانجلت المعركة عن قتل قتلمش وكانت منيته في عثور الفرس به. وقتل ألب أرسلان من التركمان عدة وافرة، وحاز من أموالهم غنيمة ظاهرة. وساق حتى وصل إلى خوار الري ظافر الجند، ظاهر الجد ومعه وزيره نظام الملك أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي. فتلقاه عميد الملك في حشمه وخدمه وكوسه وعلمه، وعربه وعجمه. وأجلسه على السرير، وجرى على عادته معه في التدبير. فغار نظام الملك من استقلاله، واحتال مدة في قبضه واعتقاله. فلما كان في محرم سنة 359 ه زار عميد الملك نظام الملك زيارة إيناس واعتذار، وترك بين يديه منديلا فيه خمسمائة دينار. فلما انصرف من حضرته، سار أكثر العسكر في خدمته. فتخوف السلطان من عاقبة ذلك ومغبته، فأمر بقبضه وأنفذه إلى مرو الروز ومكث سنة في الاعتقال بها. ثم سير إليه غلامين فدخلا عليه وهو محموم، وأخبراه بأن قتله أمر محتوم. وأنظراه حتى اغتسل وتوضأ وتاب، ودخل لوداع أهله، وخرج إلى مسجد فصلى ركعتين، واستسلم للقضاء المقدر بالحين، ووجد الغلظة من الغلامين، وضرباه بالسيف وأخذا رأسه وحملاه إلى السلطان بكرمان. وأما جثته فإنها لفت في خرقة كانت لفافة البردة النبوية كان استهداها من الخليفة، وفي قميص دبيقي من ملابس القائم الشريفة. وقبر في أبيه بكندر.
وكانت مدة وزارته ثماني سنين وشهورا. ولم يزل موسم جاهه فيها مشهودا مشهورا. وكان عمره نيفا وأربعين سنة. وكانت محاسنه مفضلة، وفضائله محسنة. لكنه لكنه تهوره وتهوينه، وغاية غيه في سوء التدبير وتوهينه، قصرت يده الطولى عن استمالة القلوب الجافية، واستلانة الخطوب الآبية. قال: وكان يرجع إلى حسب ونبل وأدب وفضل. وهو الذي يقول:
الموت مر ولكني إذا ظمئت نفسي إلى المجد مستحل لمشربه
مخ ۲۰۰