د تاریخ دولت آل سلجوق
تاريخ دولة آل سلجوق
ژانرونه
قال: فأما السلطان مسعود، فإنه بعد حادثة الخليفة بالمراغة، قبحت سمعته، فذكرته الألسن، ونكرته الأعين. فصار يفكر في شيء ينفي عنه الظنة، ويستل به من القلوب السخيمة المستكنة. حتى سولت له نفسه قتل الأمير دبيس بن صدقة، وكان في القرب منه بمنزلة إنسان عينه الذي بوأه الحدقة. فرأى أنه إذا قتله نسب الناس إليه قتل الخليفة، وأن السلطان لذلك لم يبق عليه. وكان الأمير دبيس المزيدي حضر باركاه السلطان، وهو جالس ينتظر الإذن، فجاءه من ورائه وهو لا يراه بختيار الوشاق، وأبان بسيفه رأسه وأسال على البساط دمه المهراق. وكان بين استشهاد الخليفة وقتل دبيس شهر واحد. وكانت هذه النوبة أيضا شنيعة، والفضيحة فظيعة وشفعت الكبيرة بالكبيرة، وأتبعت الجريرة بالجريرة. فتقرحت القلوب وتحرقت، وأسفت النفوس وأشفقت. فلم يكترث السلطان بما كرث 1، ولم يحدث غما لما حدث وطما عباب طماعيته ، ولفح شرر شرته. وخشيه الأكابر والأماثل، وغشيه الأصاغر والأراذل.
فرفع قوانين السلطنة وأبطلها، ومحاسنا محاسنها وعطلها.
فأول ما بدأ به بعد حادثة الخليفة، أنه نهض إلى بلاد سكمان، فجلب على سكانها البلاء، وأضرى بها الضراء. وخافه ابن سكمان فجفل، ثم بذل له وجه الخيفة.
فنذر وحذر، وقام وقعد، وأحس بقرب من قتل أباه، فأباه وبعد. وكان الأمير زنكي ابن آق سنقر صاحب الشام ببغداد، فحمله على السير منها والإغذاذ. وكان داود ابن السلطان محمود قد وصل إلى بغداد وزنكي مؤازره، ومظاهره وناصره. فلما حضرها مسعود وحصرها، ونازل بعسكره عسكرها، رحل داود عائدا إلى أذربيجان، وأحفل زنكي راجعا إلى الشام. وقد خاف السلطان، وأشار على الخليفة باتباع أثره فما أصغى إليه، ولا سهل خروجه من بيته عليه ثم استوحش من مقامه بعد أن أقام مدة على استيحاش، فرحل رحلة آيس، ونفر نفرة خاش 2. ومضى إقبال خادم أبيه معه، وصحبه وزيره جلال الدين أبو الرضاء بن صدقة، وخيم بظاهر الموصل متمسكا بحبل قاطعه، ومغترا بسلم منازعه. فإن زنكيا لما أصلح أمره مع مسعود سيبه وخيبه. وأخذ إقبالا خادمه وحبسه ثم قتله. وأزعج الخليفة، فانتقل انتقال المرتاب، وتحول تحول المرتاع. وبقي كذلك سنتين لا يستقر به مكان، ولا يمكن له قرار. حتى اجتمع بالسلطان داود في أذربيجان، وجاء معه إلى محاصرة أصفهان. وختم له بالشهادة عليها سنة 532 ه في ظهر يوم الثلاثاء السادس والعشرين من شهر رمضان، وكان ذلك في القيظ وقت الهاجرة المتأججة، والقائلة المتوهجة. فهجم عليه قوم من فدائية الباطنية، فأضجعوه على فراش المنية.
مخ ۳۰۱