تاريخ علم الادب: عند الافرنج او العرب او فکتور هوکو
تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو
ژانرونه
والسيف والرمح والقرطاس والقلم
فقال: بلى؛ وأظهر الشجاعة حيث ينبغي إظهار الحزم والرأي، وكر على الأعراب كرة الفوارس فقتلوه وقتلوا ابنه معه.
وأسس الإنكليز جمعية دعوها جمعية بايرن (بايرن سوستي)، وغايتها حماية المسيحيين في الممالك العثمانية كما هو مقاصد هذا الشاعر وأمانيه، ولهذه الجمعية شعبة في الأستانة وأخرى في أثينه وغيرها، ولها علاقة بالمسألة المكدونية كما كان لها علاقة بالمسألة الكريدية.
وتوهم شعراء الإفرنج في انتصارهم لليونان أن الموجودين في هذه العصور هم من نسل أولئك الأبطال والفلاسفة الذين انقرضوا في القرون الغابرة، وأورثوا المسلمين علومهم وفلسفتهم، فهذا هو السبب الذي حمل فيكتور هوكو على التعصب لليونان على العثمانيين، وعلى تحريضه أمم النصارى على قتال المسلمين، ومناداته بالحرب الصليبية، وكان لم يزل في سن الشباب ، وعلى سياسة المذهب الكاثوليكي والحزب الملوكي، ولم يك بعد اهتدى للتوحيد الفلسفي، ومحبة الإنسانية ولا لاتباع الإنصاف الذي ذكره المعري بقوله:
والدين إنصافك الأقوام كلهم
وأي دين لأبي الحق إن وجبا
وفعل الإفرنج ما فعلوه من الانتصار لليونان بلا مشوق ولا مستصرخ فظن الأرمن، والبلغار في يومنا بأنهم يتمكنون من استمالة أوروبا إليهم بالاستصراخ والتصويت، والأناشيد الحماسية فعقدوا في أوروبا المجتمعات، وخطبوا فيها الخطب المهيجة على غير فائدة. وبعد انقضاء المعرض الأخير بباريس بعث المقدونيون شاعرهم المفلق ميخايلوفسكي مع وفد من أدبائهم لأمهات مدن أوروبا، فكان يكثر من إنشاد القصائد الشرقيات لفيكتور هوكو، ومن إنشاد أشعار بايرون الإنكليزي، ومن تنظير هذه القصائد والنظم على منوالها باللسان البلغاري، ثم ترجمتها للفرنساوية وتلاوتها على الحاضرين في المجالس بكل شوق وحماسة وطنية وهيجان عظيم، ومع ذلك لم تنفعل أوروبا ولا تأثرت الأفكار العمومية فيها كما تأثرت أيام استقلال اليونان لأسباب كثيرة منها أن الجمال لا يتكرر، والأمم أصبحت تنظر لمنافعها الاقتصادية والتجارية أكثر من التفاتها للحماسة الجاهلية.
وتوهم شبان مصر ما توهمه هؤلاء أيضا أيام بعثوا صاحب جريدة اللواء إلى باريس يحمل صورة عظيمة تمثل مصر، وهي في الأسر وتحتها أبيات عربية تستغيث فيها من مجلس النواب الفرنساوي كما هو معلوم ومطلع الأبيات: أفرنسا يا من نصرت البرايا ... انصري مصر إن مصر بسوء ... إلخ.
أما عنوان المنظومات التي في هذا الديوان، فهي «الصاعقة» و«قناري» سمى هذه المنظومة باسم أحد زعماء الثورة المتقدم ذكره، ووصف بها المحاربات البحرية، وصور فيها أعلام الدول وهي تخفق على المراكب الحربية، وقصيدة «رءوس السراي» نظمها سنة 1826 على أثر الإشاعة الكاذبة التي أشاعتها الجرائد عن موت قناري بقنبلة أصابته في محاربة ميسولونكي، وعن إرسال رأسه مع رءوس رفائقه إلى الأستانة. ووصف في هذه المنظومة السراي وما فيها من السراري والطواشية والبذخ والقصف، ورثى قناري ورفيقين له أفجع رثاء، وحرض أمم النصارى على قتال المسلمين، و«نافارين» صور فيها محاربة نافارين العدوانية، وأظهر الشماتة بحرق المراكب العثمانية ومن أبياتها قوله: «مضت ست سنوات ونحن نرى أفريقيا تركض لمساعدة آسيا على أمة تعلمت كيف تموت، وإبراهيم الذي لا يسكنه شيء طار من البرزخ إلى السطح كأنه صقر بلا وكر، كأنه ذئب يحكم في حظيرة الغنم، فهو يجري إلى حيث تستدعيه الغنيمة، فإذا عاد إلى خيمته رمى بيده الرءوس إلى السراي.»
ومن منظومات هذا الديوان أيضا «حض المفتي على الجهاد» و«كدر الباشا» صور فيها جلوس الباشا في دائرة الحرم حزينا، وارتباك رجال المعية والخدام والخصيان، وتساؤلهم عن سبب حزنه وعما ينقصه من النعم التي هو غريق فيها بين رقص الجواري، وغناء الغانيات في قصور عاليات مفروشة بالحرير والديباج تعبق فيها روائح المسك والعنبر ودهن الورد، فوجدوا كدره لا على خراب البلاد ونهب العباد، وكثرة الظلم والاستبداد؛ وإنما هو على موت خصيه الحبشي.
ناپیژندل شوی مخ