تاريخ علم الادب: عند الافرنج او العرب او فکتور هوکو
تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو
ژانرونه
على شكل المخاطبات يشابه ما أوجده الأندلسيون من الفنون الشعرية.
وأجمع العارفون على أن القوافي أول ما ظهرت في الشعر البروفانسال، وأنها مأخوذة من العرب، فالقافية عند الفرنساويين هي اتحاد الأحرف الصوتية الأخيرة وما يتبعها من الأحرف الساكنة في نهاية كل بيتين، أو قطعتين من الشعر مثل ساج وباج
Sàge, Pàge ، فالذي أخذوه عن العرب بالسماع والتقليد هو علم القوافي، وكانوا يستعملون قبل ذلك عوضا عن القافية ما يسمونه «أسونانس»، وهو اتحاد الأحرف الصوتية الأخيرة بقطع النظر عما بعدها من الأحرف الساكنة في نهاية كل بيتين مثل ساج
Sàge
وآرم
àrme .
وكان استعمالهم للقوافي في القرن الثالث عشر، وأخذوا عن العرب في المنظوم أنواع المدح، والغزل، والنسيب، والهجو، والهزل؛ أي ما يسمونه ليريك وما يسمونه ساتيريك، كما أخذوا عنهم في المنثور القصص، والملح وضروب الأمثال ومنها ما نقلوه نثرا ثم نظموه في لغتهم، وجاروا العرب في الفكاهات أيضا فألفوا حكايات وتظريفات على أقسة القرى، وخدمة الكنائس؛ ليضحكوا منهم الأمراء والفرسان الذين يسمونهم «شيفاليه»، وفي هذه الحكايات والنوادر المأخوذة عن العرب ما أصله الأول من حكايات الفرس والهنود، وترجمت إلى العربية ثم نقلت للإفرنجية، فلو كان الحكم والغلبة لأهل الجنوب المجاورين للعرب وللغتهم المسماة «أوق» لوجدنا في اللغة الفرنساوية الحالية شيئا كثيرا من فنون الأدب العربية، ولكن الحكم والغلبة كانتا لأهل الشمال وللغتهم المسماة «أويل»، وكان شعراؤهم التروفير لا يعرفون غير أشعار الحماسة، وقصائدهم قصيرة والبيت مؤلف من عشرة هجاءات ليس له قافية، وإنما له «أسونانس» كما في أغاني رولان الآتي ذكرها، واستمروا على هذا النظم إلى آخر القرن الثاني عشر.
وفي القرن الثالث عشر أخذ شعراء الشمال وهم التروفير ينسجون على منوال «التروبادور»، وتعلموا منهم القوافي ورقة الغزل واللحن الموسيقي، وصار فرسان الإفرنج يقلدون فرسان العرب في انتحال الشعر، فكانت فضائل الفارس المهارة في الفروسية، وحفظ الشعر والتمثل به وفي لعب الشطرنج، فتحسن الشعر الإفرنجي بإدخال القوافي العربية فيه، وباقتباس أدب الأندلسيين ورقة غزلهم. (4) اقتباس الإفرنج أقاصيصهم عن العرب
والحاصل أن الرومانيين لما فتحوا أرض الغول أدخلوا إليها مدنيتهم ولغة عوامهم، وهي اللاتينية الدارجة فلما استولى قبائل الإفرنج على أرض الغول أخذوا ما وجدوه فيها من اللسان والمدنية، فنتج من هذا الاختلاط لغة جديدة قيل لها : «رومان»، وأقدم المدونات في هذه اللغة هريمين ستراسبورغ، وهو صورة القسم الذي أقسم به العسكر لأحفاد شارلمان حينما عقدوا معاهدة فيردون، وقسموا مملكة شارلمان إلى ثلاثة أقسام فرنسا وجرمانيا وإيطاليا، وأخذ كل منهم قسما وذلك في سنة 843م، وسنة 229ه؛ أي في خلافة الواثق بالله هارون بن المعتصم بن هارون الرشيد في بغداد، وعبد الرحمن بن الحكم في قرطبة، فهذه أول مرة دونت فيها لغة رومان، وقامت مقام اللغة اللاتينية، ثم انقسمت لغة رومان إلى لسان أويل، وإلى لسان أوق، وانقسم لسان أويل وهو لسان الشمال إلى لهجات غلب على الجميع لهجة جزيرة فرنسا - وهي الجزيرة المحاطة بالأنهار المشتملة على باريس وما في جوارها - فصارت اللغة الفرنساوية. ثم عم استعمال هذه اللغة في الأيالات الجنوبية، وغلبت على لسان أوق سنة 987م حينما تأسست الدولة الثالثة من دول الإفرنج، وهي الدولة التي دامت إلى حدوث الانقلاب الكبير، وظهور الحكومة الجمهورية، وكان مؤسس الدولة الثالثة هوغ قابت دوق جزيرة فرنسا، فأطلق هذا الاسم على عموم المملكة وعلى اللغة.
ولما كان اتساع دائرة النظم في تاريخ الأدب سابقا لاتساع دائرة النثر، كان الكلام المنظوم أساسا للأدب الفرنساوي، وأقدم نظم فيه هو «أغاني رولان» وتاريخ نظمها في النصف الأخير من القرن الحادي عشر وناظمها أو ناظموها مجهولون، ولا دليل على أنه تيرولد المذكور اسمه في آخر بيت منها، ورولان هو قائد جنود شارلمان الذين حاربوا الأندلسيين، وذلك أن شارلمان لما فتح الفتوحات العظيمة، وتتوج بتاج الإمبراطورية واستحصل من الخليفة العباسي على الإذن لحجاج النصارى في زيارة بيت المقدس طار له ذكر في الآفاق، وتحدث الناس به، ونظموا فيه القصائد، وقصوا عنه القصص والحكايات وأنشدوا الأناشيد، وفعل الإفرنج له ما فعله العرب لهارون الرشيد، غير أن فنون الأدب الإفرنجية لم تكن زاهرة كفنون الأدب العربية، بل كانت حديثة النشأة لم تهذب بعد، وكانوا يكتبون باللغة اللاتينية ما يحتاجون إلى كتابته وتدوينه، ولم يكن الملوك والأمراء ولا الرعية يفهمون اللاتينية الفصحى، وإنما كان يفهمها بعض الأساقفة والرهابين، فنظمت «أغاني رولان» و«حج شارلمان» باللسان الفرنساوي الذي كان يتكلمه أهل ذاك العصر؛ أي بعد شارلمان بأكثر من قرن.
ناپیژندل شوی مخ