تاريخ علم الادب: عند الافرنج او العرب او فکتور هوکو
تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو
ژانرونه
على الصباح
ومعصم النهر
في حلل خضر
من البطاح
ثم نسج أهل الأمصار على منوال الموشح، ونظموا مثله بلغتهم الحضرية من غير التزام إعراب، وسموا هذا النوع من الموشح بالزجل، وأول من أبدعه أبو بكر بن قرمان، ومع أنه قرطبي الدار كان يتردد كثيرا إلى إشبيلية مركز الأدباء ومجمع الظرفاء، وهي على نهر الوادي الكبير تشبه حمص القريبة من نهر العاصي؛ ولذا أطلقوا عليها اسم حمص. فكان أبو بكر بن قرمان يركب مع أصحابه في النهر للنزهة، والصيد وتدور بينهم المحاضرات الشعرية والمحاورات الأدبية وهم في الزورق ، وقد استخرج صاحب جريدة الأرز من مكتبة في رومة شيئا من زجل الأندلسيين ونشره في مجلد. وأما الأصمعيات فهي الشعر البدوي، وسميت أصمعيات نسبة للأصمعي راوية العرب (122-216ه)، وهي قصيدة طويلة بلا إعراب بل هي بلغتهم الدارجة، ويبتدأ فيها غالبا باسم الشاعر وفيها كثير من البلاغة والفوائد التاريخية. والمعصب يجيئون فيه على أربعة أجزاء يخالف آخرها الثلاثة في رويه، ويلتزمون القافية الرابعة في كل بيت إلى آخر القصيدة. والحوراني نسبة لحوران بأرض الشام، ولا نطيل الكلام ببيان هذه الفنون وأقسامها، وفيها من البلاغة والفوائد التاريخية ما لا ينكر، بخلاف ما أحدثوه من الصنائع اللفظية.
وبيان ذلك أن أدباء العرب في الجاهلية والإسلام صرفوا عنايتهم في النظم والنثر إلى الألفاظ لا إلى المعاني، فالهدف الذي كان الأديب منهم يروم إصابته هو التفنن في طرق الإفادة، وبيان المعنى الواحد بأساليب مختلفة من الكلام، وشبهوا المعنى بالماء والألفاظ والتراكيب بالإناء؛ فمنه آنية الذهب والفضة والصدف والزجاج والخزف، فغرض الشاعر منهم إسقاء سامعه الماء الواحد الذي لا يختلف ولا يتغير بأجمل إناء يصوغه له حسب قدرته، ولم يكن غرضه إسقاء سامعه أنواع المياه الخفيفة المهضمة من منابع مختلفة معدنية، ولا إسقاءه أنواع الخمور أو المرطبات والبزورات بأي إناء كان؛ ولذا أظهر الأدباء كل مهارتهم في الألفاظ وبينوا اقتدارهم في معرفة اللغة، وحفظ الأسماء الكثيرة والمترادفات، وإفادة المعنى الواحد بطرق مختلفة، فكانت الألفاظ طوع قريحتهم يتصرفون بها كما يتصرف الصائغ في سبك الفضة، فألفوا في الألفاظ المهمل، والمنقوط، والمشجر وما يقرأ طردا وعكسا، ولزموا في القوافي ما لا يلزم ونظموا الخالية وأمثالها؛ يروى عن أديب أنه أجاب من شتمه بقوله: الكلب من لا يعرف للكلب مائة اسم. وحفظوا أسماء كثيرة للبعير والناقة والسيف، ولكل ما اشتهر بالخسة والشرف، وقالوا: كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى أو خسته.
ونجد امرأ القيس إذا وصف الفرس لم يدع عضوا من أعضائه إلا شرحه تشريحا، وألفوا كتبا كبيرة من الأحرف المهملة أو المعجمة؛ مثل التفسير الذي ألفه مفتي الشام السابق المرحوم محمود أفندي حمزه بالحروف المهملة، ولما طبع هذا التفسير بدمشق بعثني والدي بنسخة منه إلى المرحوم مفتي الخليل التميمي، وكان علامة الديار المقدسية، فنظر في التفسير طويلا ثم رده إلي وقال: لو لم يقيد قلمه بالأحرف المهملة لأفادنا بأكثر من هذا. وكتاب عنوان الشرف المشتمل على عدة علوم في متن واحد يقرأ بصور مختلفة وهو مطبوع في مصر، وعلى نسقه كتاب آخر مطبوع في الأستانة. ولما قال العماد الكاتب: «سر فلا كبا بك الفرس» أجابه القاضي الفاضل: «دام علاء العماد»، والجملتان مما يقرأ طردا أو عكسا. وكان القاضي الفاضل رئيسا للمراسلات السياسية عند السلطان صلاح الدين الأيوبي، والعماد الكاتب بمعيته رئيسا لقلم المصالح الشامية، وكتابه الفتح القدسي طبع في السنين الأخيرة. وقال أبو عبد الله بن بيس من علماء الأندلس، وهو شيخ لسان الدين بن الخطيب المشهور:
أساجعه بالواد بين تبوئي
ثمارا جنتها حاليات خواضب
دعن ذكر روض زانه سقي شربه
ناپیژندل شوی مخ