تاريخ علم الادب: عند الافرنج او العرب او فکتور هوکو
تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو
ژانرونه
زحزح الشفق على النجوم ستار الليل وفجر كل نجم كالشرارة الحامية، ورقق المغرب حاشيته الحمراء، وفضض الليل في الدجا وجه الماء، وامتزجت أتلام المحراث بالمسالك وبما حولها من الشوك، واختفى الجميع عن العيان، والتبست الطريق على ابن السبيل.
النهار للأذى والتعب والبغض، فلنشرع في الصلاة حيث دخل الليل، ما أصفى الليل وما أوقره! الراعي يعود والماشية تجأر، والريح تعزف في نوافذ البرج، والمياه تركد في المستنقعات، والجميع يتألم ويشكو؛ لأن الطبيعة من شدة تعبها أمست في احتياج للنوم والصلاة والحب.
هذه الساعة هي التي يتكلم فيها الأولاد مع الملائكة، وأما نحن فنهرع فيها لملاهينا الغريبة، فجميع الأولاد الصغار يدعون في آن واحد بدعاء واحد وهم راكعون على الأرض، وأعينهم شاخصة إلى السماء، وأيديهم مضمومة وأرجلهم حافية، ويطلبون لنا الرحمة من الله تعالى.
ثم ينامون - وحينئذ تتناثر أحلامهم الذهبية في حندس الليل بعد أن تتولد من هوشات آخر النهار، فإذا رأت عن بعد أنفاسهم متصاعدة وشفاههم محمرة طارت إلى ناموسياتهم كما يطير النحل إلى الأزهار ورفرفت حولها.
فيا عجبا لنوم السرير! ويا عجبا لدعاء الصغار! فهو صوت حنو ورأفة لا عدوان فيه، وما أحلى هذا الدين الذي يقر العين ويضحك السن! هذا مطلع النشيد في ليلة السعود، فينيم الولد عقله الصغير في الدعاء كما يضع الطير رأسه تحت جناحه. •••
يا بنتي قومي للصلاة - وادعي أولا وخاصة للتي هزت الليالي الطوال في سريرك، للتي التقطتك من عالم الذر وأنت نفس لطيفة، ووضعتك في الدنيا وصارت لك أما شفوقة وقسمت لأجلك نصيبها من هذه الحياة المرة إلى قسمين، فشربت الحنظل وأسقتك العسل.
ثم ادعي لي، فإني أحوج منها لدعائك؛ لأنها هي مثلك صالحة، بسيطة، صادقة، قلبها صاف، ووجهها راض، شفقت على كثيرين ولم تحسد أحدا، عاقلة، حليمة، صابرة على غصص الحياة، متحملة للشر بدون أن تعرف فاعله.
طالما قطفت الزهور ويدها الطاهرة لم تمس قشر الشجرة المنهي عنها،
43
ولم تقع بالفخ مع ضحكة سنها، وتنسى دائما كل ما سلف ومضى، ولا تعرف الأفكار الخبيثة التي تمر في الذهن كما يمر الظل على الماء.
ناپیژندل شوی مخ