وعلى أثر ذلك سار عز الدولة من الأهواز إلى البصرة، وكان قد ذهب إلى الأهواز لأمور إدارية، فثار عليه ببغداد القائد سبكتكين التركي على أثر نكبة الأتراك في الأهواز والبصرة، وتغلب سبكتكين على حكومة بغداد، وطلب من الخليفة الطايع أن يخلع نفسه، ويسلم الخلافة إلى ابنه عبد الكريم؛ لأنه كان قد أصيب بالفالج وثقل لسانه، فخلع نفسه، وبايع لابنه ولقبه الطايع لله في سنة 363ه.
وبعد أن قام عز الدولة بالبصرة أياما سار إلى واسط، ثم توجه إلى بغداد فحدثت بينه وبين سبكتكين فتنة أخرى، فانسحب إلى واسط، واستنجد بابن عمه عضد الدولة صاحب بلاد فارس، وحدث ما حدث في بغداد، حتى اغتصب عضد الدولة بغداد وحبس عز الدولة.
فبلغ أمير البصرة المرزبان بن عز الدولة خبر اعتقال أبيه وما جرى له مع عضد الدولة، فثار في البصرة في سنة 364ه، وهو يومئذ أميرها من قبل أبيه، فكاتب أمراء البلاد، واستنجد بهم على نصر أبيه، وكتب إلى ركن الدولة يشكو إليه أعمال ابنه عضد الدولة، ويخبره ما فعل بأبيه، وبعد حوادث يطول شرحها أخرج عضد الدولة عز الدولة من السجن، وأرجعه إلى منصبه، وعاد إلى مقره في السنة نفسها. (9-6) عضد الدولة وشرف الدولة والبصرة
ولما مات ركن الدولة وتولى ملكه ابنه عضد الدولة في سنة 366ه حدثت بينه وبين عز الدولة صاحب العراق وحشة فخلاف فحرب، فاستولى عضد الدولة على البصرة أولا في سنة 366ه، فأقام بها أياما، ثم ولى عليها ابنه أبا طاهر، وسار منها فاستولى على واسط، ثم انتهت تلك الفتنة باستيلاء عضد الدولة على العراق كله فدخل بغداد في سنة 367ه في عهد الخليفة الطايع بالله، وبقي عضد الدولة ملكا على العراق إلى سنة 373ه فتوفي ببغداد، وتولى بعده ابنه صمصام الدولة أبو كاليجار، وفي السنة نفسها طمع في العراق أخوه شرف الدولة أبو الفوارس ابن عضد الدولة فحمل على أخيه صمصام الدولة بخمسة عشر ألف مقاتل من الديلم، وسار من الأهواز قاصدا البصرة، وعليها يومئذ أميرا أبو طاهر بن عضد الدولة، فاستولى عليها شرف الدولة عنوة، وأقطعها إلى أخيه أبي الحسن بن عضد الدولة، وذلك في سنة 373ه. فبلغ صمصام الدولة خبر استيلاء شرف الدولة على البصرة فجهز لقتاله جيشا، وسيره بقيادة الأمير دبعش، فعلم بذلك شرف الدولة فسير جيشا لقتاله بقيادة الأمير دبيس الأسدي، فالتقى الجيشان فدارت الدائرة على جيش صمصام الدولة وأسر قائده. ثم اصطلح الأخوان على أن تكون البصرة لشرف الدولة، وعلى أثر ذلك ولى شرف الدولة على البصرة أخاه أبا طاهر بن عضد الدولة، فاستبد بها، ثم عصى واستقل في سنة 375ه، فجهز له شرف الدولة جيشا، وسار به فانتصر عليه وأسره، ودخل البصرة ظافرا.
وكانت الفتن مستمرة بين بني بويه، فعادت الحرب في سنة 376ه بين صمصام الدولة وبين شرف الدولة، فاستولى الثاني على واسط أولا، ثم على بغداد في سنة 377ه، ودخلت جميع البلاد العراقية تحت حكمه حتى مات في سنة 379ه، وكان من الملوك المصلحين كعضد الدولة. فتولى بعده أخوه أبو نصر بهاء الدولة، وهو الذي خلع الخليفة الطايع طمعا في أمواله التي صادرها، وولى الخلافة أبا العباس أحمد ابن الأمير إسحاق بن المقتدر ولقبه القادر بالله في سنة 381ه. (9-7) البصرة في أيام بهاء الدولة
تولى بهاء الدولة الملك في العراق في سنة 379ه فأقام ببغداد، وولى على البصرة نوابا.
وفي أيامه في سنة 386ه زحف على البصرة لشكرستان أحد قواد صمصام الدولة البويهي، فقاتله نواب بهاء الدولة، فانتصر عليهم بمعاضدة جماعة من البصريين منهم أبو الحسن بن أبي جعفر العلوي، ودخل البصرة ظافرا في السنة نفسها، ولما استتب أمره فيها طمع في أموال الناس، فابتز أموال المثرين، وفتك بجماعة كبيرة من الوجوه والأعيان حتى اضطرت جماعة منهم إلى ترك أوطانهم، ولبث لشكرستان بالبصرة أكثر من شهر، فحمل عليه أمير البطيحة مهذب الدولة أبو الحسن علي بن نصر بإيعاز من بهاء الدولة، وكان تحت سيادته، فلما اقترب مهذب الدولة من البصرة فر منها لشكرستان؛ خوفا من أن يقع في الأسر، ودخلها مهذب الدولة ظافرا، فولى عليها نائبا من قبله، وظلت في قبضته إلى سنة 391ه.
دخلت سنة 391ه فجمع القائد لشكرستان جيشا كبيرا فأعاد الكرة على البصرة، فدخلها عنوة، وأعاد الظلم والسلب، وصادر أملاك أكثر الوجهاء، وقتل بعضهم ففر كثيرون من أهلها إلى بلاد أخرى تخلصا من ظلمه. فبقيت هذه المدينة تحت حكمه القاسي إلى سنة 395ه.
وفي السنة نفسها - 395 - جهز أمير البطيحة مهذب الدولة جيشا كثيفا، وسيره بقيادة أحد قواده أبي العباس بن واصل؛ لقتال لشكرستان وطرده من البصرة، وبعد معارك دامت أكثر من شهرين انهزم لشكرستان بمن معه، فاستولى أبو العباس على البصرة في السنة نفسها، وقد قتل في هذه الحادثة نحو الخمسة آلاف من الفريقين، وغرقت نحو ثلاثمائة سفينة.
استبداد أبي العباس في البصرة
ناپیژندل شوی مخ