(( أين كان الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في ذلك الوقت؟ أين كان؟ كان مشغولا بتجهيز الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ودفنه، وهناك تبدو فكرة السمو. السمو الخلقي، فكرة النزاهة. النزاهة وعدم التكالب وراء الحكم أو الجري وراء منصب، كيف يترك جثمان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ويجري ليجتمع مع المجتمعين ليطلب لنفسه شيئا؟!. هنا الخلق، هنا المتانة، كان ينبغي أن يقف المؤرخ وقفة عند هذه المسئلة. عند هذه النقطة بالذات، فإذا لم يكن هناك تفريط من الإمام علي رضي الله عنه بأي حال من الأحوال، ولكن كان هناك ما هو أهم، ما هو أسمى، الصلة التي تربطه برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الوقت الذي انصرف المنصرفون، وتناقشوا، وتحادوا، واختلفوا حول الخلافة، وعن مقربة منهم جثمان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم شغل علي بن أبي طالب بتجهيزه ودفنه، إذن لم يكن هناك تفريط من الإمام علي في المطالبة بحقه في الخلافة وإذا كان الإمام علي رضي الله عنه وكرم وجهه قد طالب بالخلافة، فينبغي أن ينزه من أنه كان يجري وراء متاع. لو كان يجري وراء متاع لانصرف من أول الأمر، وكان أسبق السابقين إلى السقيفة، إلى سقيفة بني ساعدة ليرفع صوته مع من رفعوا أصواتهم )).
ثم يمضي ويقول: (( وبعد ذلك تعرض المؤرخون للكيفية التي رضي بها الإمام علي أن يساير الجو )) فيقول: (( وهذا في حد ذاته ليس نوعا من الإستكانة بقدر ما هو نوع من الحفظ على وحدة الإسلام والمسلمين (1) )).
ونحن نجد أن الإمام علي عليه السلام عندما تولى الخلافة أراد تصحيح أوضاع الأمة الإسلامية في جميع النواحي السياسية، والإجتماعية، والإقتصادية، مما أثار عليه أصحاب المطامع والإهواء حتى نكث عليه الناكثون وبسببهم كانت معركة (( الجمل )).
مخ ۹