روى أبو طالب (ع) بإسناده عن سليم وكان يتولى خدمة الهادي (ع) في داره قال: كنت أتبعه حين يأخذ الناس فرشهم في أكثر لياليه بالمصباح إلى بيت صغير في الدار كان يأوي إليه فإذا دخل صرفني فأنصرف، فهجس بقلبي ليلة أن أحتبس وأتيت إلى باب المسجد أنظر مايصنع. قال: فسهر عليه السلام الليل أجمع ركوعا وسجودا، وكنت أسمع وقع دموعه صلى الله عليه ونشيجا في حلقه فلما كان الصبح قمت فسمع حسي فقال: من هذا؟ فقلت: أنا. فقال: سليم ماعجل بك في غير حينك؟ قلت: مابرحت البارحة جعلت فداك. قال: فرأيته اشتد ذلك عليه، وحرج علي أن لا أحدث به في حياته أحدا (1).
في الميدان الإجتماعي:
إن المرء ليقف إجلالا وتقديرا للمنهج القويم الذي سطر به الإمام الهادي (ع) تاريخ الأمة الإسلامية، فقد كان (ع) إماما للعلماء والفضلاء، ونبراسا وهاجا للزهاد والعباد، وأسوة وقدوة لناشدي الحق والعدالة، ومثلا أعلى للحاكم العادل، وما اختلفت أفعاله مع أقواله يوما واحدا، لم يتخل عن شعاره الذي رفعه أمامه لحظة واحدة: «هل هي إلا سيرة محمد (ص) أو النار». وقد ضرب مع شعبه أروع الأمثلة للمجتمع المؤمن المترابط، فكان (ع) يصلي بالناس الصلوات جميعها، ويجلس فيما بينها لتعليم الناس فرائض الدين، ويتحاكمون إليه فيبين لهم الأحكام في لين ورفق ثم يقوم إلى السوق، يعظ التجار ويبين لهم أصول التجارة، ويدور في سكك المدينة إذا رأى جدارا مائلا ، أو طريقا غير صالح أمر بإصلاح ذلك، أو شارعا مظلما أمر بإضاءته في الليل ليتمكن المارة من السير إلى المسجد، يأمر النساء بالحجاب والتستر.
يزور السجن ويراقب نظافته ويأمر من كان يعرف القراءة من المساجين أن يعلم من لايعرف ذلك ويسأل كل مسجون عن سبب سجنه، وينظر فيه.
مخ ۱۸۴