ويقول عبدالفتاح شايف في كتابه الإمام الهادي واليا وفقيها ومجاهدا: «ولقد قضى الإمام الهادي (ع) عمره كله لتلك الغاية النبيلة التي أعلنها في مبدأ أمره، عاش حياته كلها جهادا ورضا، لم يدخر لنفسه فيها درهما ولادينارا، ولم يسع لملك ولاسلطان، وما تناقضت أفعاله مع أقواله يوما من الأيام، وإنما ظلت حياته كلها نسقا واحدا ونفحا صادقا منذ أن خرج لإعلاء كلمة الحق حتى لقي الله» (1).
سبب خروجه (ع) إلى اليمن:
كان (ع) قد بايعه أعمامه وآباؤه بالإمامة كما تقدم لما رأوا من علمه وورعه وتقواه وخشيته من الله سبحانه وتعالى وتواضعه وكرمه وأخلاقه، وتوجهوا جميعا إلى طبرستان، ثم عادوا إلى الرس، فجاءه وفد من علماء وقبائل اليمن يطلبونه الخروج إليهم، وألزموه أمام فاطر السماوات والأرض القيام بأمر الله سبحانه وتعالى.
وقد قال (ع): «والله الذي لاإله إلاهو وحق محمد ماطلبت هذا الأمر، وماخرجت اختيارا، ولاخرجت إلآ اضطرارا لقيام الحجة علي، ولوددت أنه كان لي سعة في الجلوس لم يمنعني ترك الفكر في هذا الأمر حتى ناظرت نفسي فيه طويلا فما وجدت إلا الخروج، أو الكفر بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وآله وسلم» (2).
وخرج معهم (ع) لإحياء الكتاب والسنة، وإماتة البدعة والضلالة، ووصل صعدة سنة (280 ه) ثم رحل إلى قرية الشرفة ناحية بني حشيش بالقرب من صنعاء، ولبث مدة يسيرة ظهر منهم الخلاف لأوامره الشرعية، وخذله الناس فلم يجد من يعينه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فعاد إلى الحجاز، وهو يقول: «هل هي إلا سيرة محمد (ص) أو النار، والله لا أكون كالفتيلة تضيء غيرها وتحرق نفسها».
العودة الثانية:
مخ ۱۷۷