الإمام أبو طالب (ع) هو الإمام أبو طالب يحيى بن الحسين بن هارون (ع). ولد (ع) سنة 240ه بآمل في بيت تمثل فيه أنصع صور العفة والطهارة، ومجتمع علم، وفضل وجهاد. بدأ (ع) منذ الصباء في تلك البيئة الصالحة، يتلقى علومه ومعارفه على أيديى علماء وفضلاء أجلاء. فأخذ علومه عن والده العظيم المحدث (الحسين بن هارون) (ع) وعن راوي علوم آل محمد (أبي العباس الحسني) (ع) وعن الإمام المهاجر إلى الديلم (يحيى بن الإمام المرتضى) وعن تلميذ الإمام الناصر للحق (ع): علي بن إسماعيل الفقية.
ولم يبلغ (ع) مبلغ الفتيان حتى كان يشار إليه بالبنان علما، وأدبا، وأخلاقا، وسلوكا، واستقامة، ولم يبق فن من فنون العلم إلا طار في أرجائه وسبح في أثنائه حتى بلغ الغاية القصوى في العلم والتقى، وفي عهد أخيه المؤيد بالله (ع) اشتغل بنشر العلم وتأليف الكتب فأضفى ثروة كبيرة على الفكر الإسلامي لا زال المسلمون يعتمدون عليها إلى اليوم وإلى قيام الساعة.
ومن مؤلفاته (ع) المجزي في الفقه، ومباديء الأدلة في علم الكلام، والإفادة في تاريخ الأئمة السادة، والأمالي في الحديث المعروفة بأمالي أبي طالب، وشرح البالغ المدرك (1)، والتحرير في الفقه وشرحه باثني عشر مجلدا.
وقد قال الحاكم الجشمي عنه وعن بعض مؤلفاته: (عليه مسحة من النور الإلهي، وجذوة من الكلام النبوي).
وبعد موت أخية (ع) تقدم العلماء والفضلاء في الجيل والديلم لبيعته، وتلقاها الناس بالفرح والإطمئنان والسرور لما يعرفون من عدله وورعه وتقواه، وقد عبر الناس عن غبتطتهم وسرورهم واطمئنانهم أصدق تعبير، وقد قال شاعرهم:
سر النبوة والبنيا * وزهي الوصية والوصيا
إن الديالم بايعت * يحيىبن هارون الرضيا
وقد بقي (ع) في الحكم ثلاثة عشر عاما، يحكم بالعدل والإنصاف، وينشر العلم، ويطبق شرع الله في الأرض حتى توفاه الله عام 424ه وعمره اثنتان وثمانون سنة.
دور الإمامين في المجال الفكري:
مخ ۱۶۷