كان لتشريد وقتل أهل البيت (ع) من قبل العباسيين أثرا كبيرا في ضعف الدولة العباسية وانهيارها، بالإضافة إلى ضعف خلفائهم وفسادهم وقد بدأت ملامح ذلك منذ بداية العصر العباسي الثاني أيام المتوكل الذي رفع شعار العداوة الشديد لأهل البيت (ع)، وكان من أشد الناس الما لما أصاب أهل البيت (ع) بنو بويه من الجيل والديلم هاجروا إلى فارس وحكموا فارس، وأصبهان، وإقليم كرمان، والأهواز، ثم دخلوا بغداد سنة 334ه وسيطروا على الدولة العباسية، وتلقبوا بألقاب عدة كمعز الدولة، وركن الدولة، وعماد الدولة، وكان أحمد بن بويه معز الدولة يحكم بغداد، فأكرم أهل البيت (ع)، وأزال عنهم ما لحقهم من ظلم وأذية، وطلب أن يختاروا لهم واليا نقيبا عليهم يدير شئونهم فاختاروا أبا عبدالله (الداعي) نقيبا لهم، وفرح معز الدولة بأختياره فقربه إليه، وأكرمه، وخلع عليه البياض خلاف شعار العباسيين، وقربه إليه حتى صار كالنائب عنده، وكان يقول هذا إمامي. وأمن أهل البيت (ع) في تلك الفترة من أذية الخلفاء، وتنفسوا الصعداء، وعاشوا في مأمن من شرورهم.
توجه الإمام (ع) إلى الديلم:
لما اشتهر ذكر الإمام الداعي (ع) في الديلم وذاع صيته في الآفاق، كاتبه ملك الديلم (ماناذر بن جستان) ووعده البيعة والنصرة، وألزمه الخروج لإقامة العدال هناك، فخرج (ع) سرا من بغداد ولما علم الناس بخروجه بكوا بكاء شديدا تأسفا على مفارقته.
ولم يكن معز الدولة آنذاك في بغداد، ولما عاد وعلم حزن حزنا شديدا، وعاتب ابنه (بختيار) عتابا طويلا لأنه ظن أنه خرج لوحشة منه. وخرج عليه السلام إلى أن وصل الديلم فاستقبله ماناذر سنة 353ه. ومن هناك بث دعوته (ع) في جميع نواحي الجيل والديلم فبايعوه وفيهم أربعة آلاف من علماء الأمة في ذلك الوقت.
جهاده (ع) في الديلم:
مخ ۱۵۹