بقي (ع) في الجيل والديلم أربع عشرة سنة يبث تعاليم الإسلام ومبادءه. ثم أراد أن يفتح طبرستان فبلغ العباسيون الخبر فاجتمعت الجيوش الخراسانية في ثلاثين ألفا مزودة بجميع العتاد والعدة بقيادة محمد بن علي المعروف بصعلوط وخرجوا إلى مكان يسمى (شالوس)، وخرج الناصر بجيش يتراوح عدده بين السبعة والعشرة آلاف رجل ليس معهم من الأسلحة والعتاد إلا القليل (1)، ودارت المعركة سنة 301ه في مكان يعرف ب(بورود) على ساحل بحر قزوين، وانهزم الخراسانيون، وغرق أكثرهم في البحر إذ كانوا إذا أقبلوا قتلهم جنود الناصر (ع) وإذا رجعوا واقتحموا البحر غرقوا. ودخل (ع) آمل فاستقبله علماؤها وفقهاؤها واعتذروا إليه من فعلهم فعفا عنهم، ودانت له جميع بلدان جيلان، وديلمان، وطبرستان، وبقي ينشر الإسلام وتعاليمه حتى توفي (ع) سنة 304ه وعمره أربع وسبعون سنة.
سياسته في الحكم:
الدعوة الزيدية كما سبق لا تختلف مبدأ وعقيدة ونهجا وهي العمل بكتاب الله وسنة رسوله والعدل في الرعية، والقسمة بالسوية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد بذل الإمام الناصر (ع) أقصى غاية في الجهد لتطبيق تلك المبادي والمثل العليا التي سنها للأمة رسول الأنام محمد (ع)، وبقي طوال حياته وفيا ومخلصا لمثله ومبادئه ومثلا أعلى للإنسان المؤمن الذي لا يبالي بما يصيبه من أجل نجاح ونشر دعوت الإسلام، وتطبيق شرع الله في أرضه، وأمام هذه السماحة النبوية، والعدالة الإلهية دخل أهل الجيل والديلم في دين الله أفوجا، ويروي المؤرخون أنه دخل في الإسلام مليون رجل من أهل الجيل والديلم عدا النساء والصبيان، وبلغ عدد الذي أسلموا على يديه في يوم واحد أربعة عشر ألف رجل كانوا على المجوسية.
مخ ۱۵۲