147

تاریخ

التاريخ

ژانرونه

على أن هناك عاملا آخر قلل من قضية الإرتباط الفكري بن الأدارسة وبقية أهل البيت (ع) فبينما كانت الدولة الإدريسية في أوج مجدها، كان أهل البيت (ع) وأتباعهم في المشرق الإسلامي يعانون الظلم والإستبداد، ولا يستطيعون التنفس أو الوصول إلى هناك، وعندما تكونت الدولة الزيدية في الجيل والديلم واليمن كان الأدارسة في حالة الانحسار والذبول بسبب الحروب التي دارت عليهم من الأغالبة والخوارج.

ولكن كما عرفنا فإن هذا لم يمنع من وجود حركة فكرية وعلمية قوية ناهضت الحركة الفكرية والعلمية في المشرق، ووجود أئمة اشتهروا بالعلم والفضل، فمثلا يحيى بن عمربن إدريس، وهو من آخر الخلفاء الأدارسة اشتهر بالعلم والفضل، وهذا ما يؤكد وجود تراث فكري كبير اندثر، أولا زال حبيس المكتبات المغربية وغيرها من المكتبات.

ونخلص إلى القول بأن الأدارسة أثروا كثيرا في الحضارة الإسلامة في جميع المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية وغيرها: إذ نشروا الإسلام، وبنوا المساجد ودور العلم، وأنشاءوا المكتبات، وسكوا العملة، وعمروا المدن، وأصلحوا الطرق، وشقوا القنوات، وازدهرت التجارة في عصرهم، وتركوا حضارة كبيرة، ولا زالت مآثرهم ماثلة في المغرب إلى اليوم.

وكما كان لهم هذا الدور الكبير فقد كان لهم الدور الأكبر في المجال الفكري في المغرب الإسلامي، بل تجاوزه إلى الأندلس، وظهر منهم علماء ومفكرون خدموا التراث الإسلامي كثيرا (1).

ولكن الظروف هي التي حالت دون الإتصال بإخوانهم من أهل البيت بالشكل الذي سنلمسه بين زيدية اليمن وزيدية الجيل والديلم.

مخ ۱۴۷